الدكتورة باهرة الشيخلي 
عضو لجنة الثقافة والاعلام في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات .....  


المنتدى العراقي للنخب والكفاءات هو مؤسسة شعبية وطنية عراقية تأسست سنة 2014 تسعى إلى إعادة الاعتبار للعقل العراقي، بعد أن انحدرت العملية التعليمية في البلاد ووصلت بمستوياتها الدراسية وحلقاتها العلمية كافة إلى الحضيض، إذ أن تخريب التعليم والإجهاز على مؤسساته الأكاديمية كانا الهدف المركزي للاحتلال الأميركي والمستوطنة الخضراء، ومصداق ما نقول أن الحكومات المتعاقبة واصلت نهجا تخريبيا متعمدا تجاه العملية التعليمية وصل إلى حد الإهمال المطلق، وما يحدث في التعليم من تزييف وتزوير يحدث أيضا في مجال البحث العلمي، فقد انتهى زمن الجودة والرصانة، ودخلت الأحزاب الدينية طرفا رئيسيا في تخريب التعليم، إذ أقامت هذه الأحزاب وميليشياتها جامعات وكليات ومعاهد وهمية، بدأت تمنح شهاداتها لقاء مبالغ مالية.

وأحزاب الأرصفة التي تتحكم بمصائر العراقيين ومقدرات العراق، جيش من الجهلة والمزورين والأميين واللصوص في التعليم، يشرف على العملية العلمية في البلاد، ولم يبق في العراق من مجموع علمائه وخبرائه وباحثيه أكثر من 25 بالمئة.

ولا تجد عناء في العثور على العقول العراقية، التي قام على خبراتها بناء البلاد إذا ما زرت المقاهي والكافيهات الموجودة في لندن وعمان والقاهرة والشارقة وأبوظبي ودبي والمنامة وباريس وجنيف وفيينا وغيرها، ولكنك ستجدها طاقات معطلة، وإذا كان في نية من جاء مع المحتلين إلى العراق، بناء البلد، فلماذا استهدف هذه العقول بالاغتيالات والاعتقال والتشريد؟

واجهت النخب العراقية وضعا استثنائيا بعد كارثة الاحتلال وتدمير بنى الدولة الوطنية، وما اصطفافها في إطار المنتدى إلا للمحافظة على أداء دورها في مستقبل البلاد إذا ما أتيحت لها فرصة إعادة البناء بعد الخراب الذي عمّ إرجاء البلاد بفعل الاحتلال والتدخلات الأجنبية وانتشار الميليشيات المنفلتة التي تحارب أي مظهر حضاري وفقا لأجندتها الإيرانية، التي تريد العراق تبعا لبلاد فارس، وتتجلى في اجتماع الحزمة الفاعلة من النخب العراقية في مقابل حالة التداعي والتدهور، حالة منيرة، عبر صيغ تنظيمية حضارية فاعلة، من خلال تنظيم المؤتمرات وورش العمل لتشخيص المشكلات ودراستها واقتراح الحلول والإجابات الفاعلة لها، وهذه الصيغة العملية تتحقق باجتماع تلك النخب لتبادل الخبرات ومناقشة المقترحات ووضع برامج الإصلاح والبناء.

انطلقت اللجان التخصصية للمنتدى، منذ تأسيسه، لعقد المؤتمرات التي جمعت خبرات العراق وكفاءاته الموجودة داخل البلاد وخارجها على منصة واحدة، وتصدت بمسؤولية للمشكلات القائمة، وخرجت بقرارات وتوصيات عملية وشاملة، مثلت حلولا جذرية للمشكلات القائمة في العراق اليوم، وتصدت بشجاعة بحكم ما تحمله من خبرة ميدانية متراكمة، للمعضلات والمشكلات المتراكمة كلها، ورسمت خارطة الطريق لإعادة إعمار العراق وبنائه.

وتشكل الدراسات والبحوث، المقدمة إلى المؤتمرات التخصصية وورش العمل، ذخيرة لكل البناة والمجددين في ميادين العمل المختلفة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية في العراق، إذ لم تذهب تلك الدراسات والبحوث إلى مجرد إطفاء الحرائق للمشكلات الراهنة، التي شهدها العراق منذ الاحتلال إلى هذا اليوم، بل وضعت الخطط المستقبلية لإنجاز برنامج شامل لإعمار مناحي الحياة كلها في العراق، والإنسان في مقدمة ذلك. تتجاوز هذه النخب والكفاءات المصطفة في خلية العمل الوطنية (المنتدى العراقي للنخب والكفاءات) العناوين الفرعية التي جاء بها الاحتلال بعد سنة 2003 مثل الطائفية والمناطقية والعشائرية وغيرها، فهي تمثل التكوينات والتيارات الفكرية والاجتماعية المجتمعية كلها، وترتبط بصفة وثيقة بأهداف التنمية البشرية الإنسانية والمستدامة، وهذا الارتباط الوثيق يؤكد هويتها الوطنية، ويضعها في المكان الفاعل الصحيح في مسيرة البناء والتغيير.

لكن يتعين على المنتدى أن يدخل فورا إلى المعالجات الواقعية ويعمل على تنظيم الكفاءات العراقية المهاجرة واستثمارها، وأن يسعى إلى إيجاد مؤسسة تنسق العمل بين الداخل والخارج لمصلحه البلاد، وأن يجد التمويل اللازم لبناء مشاريع تعمل فيها هذه الكفاءات كمصانع الأدوية والمستشفيات والجامعات والمعامل والمصانع بشتى أنواعها، لكي لا تبقى هذه الطاقات معطلة.