ثائرة أكرم محمد


في عالم السياسة من الصعب أن تعثر على سياسي يقول الحقيقة،  ستجد الوزير أو المسؤول أو الفاسد سواء كان موجود بالدورة الحالية او الدورات السابقة  يتحدث مثل ملاك بأجنحة، وينتقد الفساد، ويقدم رؤى عميقة للمشكلات، وحلولا عبقرية، بينما وهو في موقع المسؤولية يكون بليدا وعاجزا، وربما متورطا في كل ما ينتقده بعد مغادرة مناصبه ان هذا العدد الذي لا يعد ولايحصى  من محترفي الفساد في كل العصور، وهم يتحدثون عن الطهارة والشرف، ولديهم نظريات في الحديث عن الفساد والدعوة لمواجهته كأنهم من كبار رجالات أجهزة الرقابة، واحذر الفاسد الذى يتحدث كثيرًا عن مواجهة الفساد وكثير من معارك نراها اليوم على الشاشات، أو مواقع التواصل، ظاهرها الحرص على الوطن، وباطنها المنافسة للبحث عن مكان بجوار السلطة.
المالكي والصدر واخرين غيرهم من رؤساء احزاب وسياسيين عملاء واخر شخص الاسدي خرج عبر قنوات التلفزة بنبرة قوية مخاطبا حكومة الكاظمي بتنظيف المظاهرات بعد اتهامه للمتظاهرين بأنهم لصوص وعملاء ومندسين.
نعم هناك بعض من الاشخاص المندسين في المظاهرات والذين يحاولون تشويه صورة الثورة فهؤلاء تابعين لكم يا اسدي لا يوجد ابلغ من العاهرة عندما تتحدث عن الشرف
ان اي شخص فاسد مخادع يريد ان يبيعنا الشرف بعد ان ارتدى بدلة الثعلب علينا ان ننزع عنه هذه البدلة. انه ما كان يمكن للفاسدين ان يتاجروا علينا وينظروا علينا بالأمانة والشرف لولا انهم وجدوا من يستمع ويصفق لهم نفاقا وهو يعرف فسادهم ان واجب المواطن الشريف ان يعري هؤلاء الفاسدين ويعزلهم وينزعوا عنهم زي الثعالب وان يواجهوهم بالحقيقة وانه لا مكان لهم في منبر المضافات او الصالونات او الجامعات او معاهدنا العسكرية. لأننا نعطيهم صك براءة لا يستحقونها.
كيف لنا ان نصدق من يزاود ويحاضرنا عن الوطنية وفي اعلى مؤسساتنا الوطنية المدنية او العسكرية، والوطنية منه براء لأنه تاجر بالوطن، وقفز من سرج الى سرج وباع وطينته بثمن بخس وتخلى عن كل مبدأ شريف للوصول الى هدفه، ان من يريد ان يحاضر علينا بالوطنية او ان يعلمنا الوطنية ينبغي ان يكون تاريخه قمة في الاخلاص والوطنية وهذه لا يمكن اخفاءها عن الناس.
كيف لنا ان نصدق مترشحا يريد محاربة الفساد وهو يحاول بكل خبث ان يستغل ظروف الفقراء الصعبة او ضعاف النفوس ويشتري اصوات المواطنين في سوق النخاسة ويتخذها سلما للوصول الى اعلى منبر في البلد وهو مجلس النواب. كيف لنا ان نصدق مرشحا بانه يريد ان يحافظ على مقدرات الوطن وتاريخه يشهد انه تاجر بمقدرات الوطن وقدم مصالحه الأنانية الضيقة على مصالح الوطن والشعب؟
. كيف للمواطن ان يصدق من خدم وزيرا وكان قمة في المحسوبية ولا يوجد في قاموسه عبارة العدالة وتكافؤ الفرص عندما يحدثنا عن العدالة والنزاهة وانه حريصا على ان يأخذ كل مواطن حقه يتباهى المجرم بجرائمه، ويصرح علناً أنه لا وقف للقتل وإراقة الدماء
هي فعلا معركة وجود، فُرِضَت على العراقيين، وعليهم أن يفهموا هذه الحقيقة، وأن يعملوا على أساسها، فالعصابة الحاكمة قررت، أنه لا تعايش مع العراقيين.
هو زمان أصبح فيه المجرم ملاك رحمة، والعاهرة مثالا للعفة والشرف، كيف لا، ونحن في زمن غاب فيه الرجال، فلا على أو معتصم، ولا خالد أو صلاح، هو الزمن الذي يمكن فيه للص لعين مهين أن يكون وزيرا او يمنح منصبا كبيرا فيحاضر في الوطنية، والأخلاق، ويوزع شهادات حسن السيرة والسلوك، ويمنح الرجال صفاتهم. هؤلاء لا يريدون التخلي عن ارثهم الاجرامي ولا تاريخهم السفاح الملطخ بدماء الابرياء.
وهناك منافقون عابرون لكل الأنظمة يمتلكون قدرات على البقاء والفوز، والعيب ليس عيبهم، لكنه عيب النظام السياسي والاجتماعي الذي مازال يسمح لهؤلاء الفاسدين بالفوز، والوصول إلى مواقع التنفيذ والتشريع، عندها سوف يتأكد الناس أن الحديث عن التغيير هو مجرد كلام للاستهلاك السياسي.. لا يكفي أن نتحدث عن مواجهة الفساد، بل الأهم هو اختراع كل القوانين التي تمنع الفساد من الحصول على هدايا التغيير.. إن الشيء الوحيد الذي يجب أن يظهر فى عام ٢٠٢١ هو القانون، والذي يجب أن يختفي هو حزب فساد ونفاق وانتهاك للحقوق.
فقدان الشعب الثقة بالعملية السياسية ومخرجاتها.
وبات اليوم لا يثق إلى حد معقول بالقوات الأمنية، لاسيما الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب وينتقد المليشيات التي تحاول اعتبار نفسها جهات شرعية والمليشيات تعرف قيمتها.
إن الشعب الذي خرج في ثورته المباركة، لرفع الظلم والبحث عن الوطن والسيادة، ونحن نقترب من ايقاد الشمعة الاولى للثورة هذا الشعب يضع استعداده مجددا للموجة الثانية من الثورة، إذا استمر السلاح المنفلت، واستمر الفساد، وترك الشباب من غير عمل أو معين.
حتى الآن القسم الاخر من الشعب يرى أن الكاظمي يعمل بهدوء، ليس بمستوى الطموح، لكن بعض خطواته مقبولة، وبعضها مشجعة.
لذلك أرى أن وجود الكاظمي حاليا هو مثل كرة الثلج، إذا تدحرجت كبرت، وصارت جبلا
الموجة التالية من توهج الثورة قد تولد في لحظة غريبة، ليس الآن بل بعد أشهر، وإذا قرر شباب الثورة هذا القرار فستكون الموجة القادمة أكثر وعيا وعمقا. وسيخرج بيد من حديد لمحاربة الفساد والفاسدين..
طبيعة السياسة أن ما هو مطروح في العلن من كلمات ضخمة، وحديث عن المبادئ والقيم العليا شيء، وما هو واقع وحادث من هذا المسؤول أو فذاك أمر آخر.. لن تجد فاسدا يبرر الفساد، ولا لصا يجادل في كون السرقة أمرا مستهجنا، ولا انتهازيًا يمدح الانتهازية، بل إن الفاسدين والمنافقين هم الأكثر قدرة أحيانا على انتقاد الفساد والدعوة للتطهير.