محمد حمزة الجبوري


واحدة من أهم ميزات قانون العنف الأسري المزمع إقراره نيابيا بعد انتهاء الجدل المحتدم حول بعض بنوده المثيرة حسب البعض أنه سيحمي المجتمع العراقي من التفكك الأسري ويقوي أواصر الرحمة بين أبناء المجتمع الصغير (الأسرة) وبالتالي تماسك المجتمع الكبير لأن قانون مناهضة العنف الأسري يدل على نهج تحضري ومغادرة ثقافة العنف الأسري التي تجذرت في بعض مناطق البلاد وتسببت بازهاق أرواح بريئة في مشاهد موت مرعبة من قبيل أب يقتل زوجته أو أبناءه لأسباب واهية لا تصمد أمام الحقيقة الإنسانية وهذا يتنافى مع القيم الإنسانية والتعاليم السماوية ولا يمكن تبريرها تحت أي ظرف ؛ الداعين إلى إقرار القانون يرونه مخلصاً وضامنا لحقوق الفئات الأضعف اجتماعياً مثل الأطفال والنساء وأنه يعزز مبادىء حقوق الإنسان التي نصت عليها كل الأديان والأعراف الدولية ولا مبرر من استمرار ثقافة العنف الأسري وهذا ما تدعمه منظمات حقوقية محلية ودولية واسعة سيما مع إرتفاع معدلات العنف والجرائم الأسرية ويرى مراقبون وبرلمانيون أن سبب ترحيل القانون من قبل دورات نيابية سابقة كان بسبب الاعتراضات من بعض القوى السياسية الإسلامية في المجلس النيابي وأن القانون تعمل عليه منذ سنين عدد من اللجان من بينها لجنة المرأة والأسرة ولجنة حقوق الإنسان ويرجح برلمانيون أن سبب أعترض القوى الإسلامية أنه يمس في بعض فقراته الشرع والدين الإسلامي ما عطل وصوله إلى مرحلة النضوج الذي يجعل الجميع يتوافقون عليه تمهيدا لإقراره نيابيا ؛ المؤيدون للقانون ينطلقون من أن أهمية القانون تكمن في معالجته للمشكلات الأسرية في ظل بيئة قانونية وأنه يتضمن إيجابيات كثيرة في ظل وضع العراق الحالي ويسهم في القضاء على العديد من حالات العنف الأسري الغريبة المستهجنة في مجتمعاتنا الإسلامية والشرقية سواء بحرق أب لأبنائه أو غيرها من الأمور التي بحاجة إلى ردع قانوني عاجل للحد من تفاقمها وشيوعها وتجذرها ؛ الفريق المعترض على بعض البنود التي تضمنها القانون بصيغته المقترحة يستندون على الدستور في مادته التي تتكلم عن أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام وأن بعض فقرات القانون حسب وجهة نظرهم تتعارض مع فقه الإسلام وثوابته بالإضافة إلى الإعتراض على أمور ترتبط بطبيعة تعامل رب الأسرة مع أفراد أسرته بما يقلل من هيبة رب الأسرة داخل بيته بحسب وجهة نظرهم .
أعتقد أن إقرار القانون بعد إجراء بعض التعديلات عليه سيكون له انعكاسات إيجابية وسيسهم في تعزيز مكانة الدولة الحضارية ويعزز دورها الرحيم في التعامل مع مواطنيها وتنظيم حياتهم وحمايتهم من العنف والفوضى و تمتين بنية المجتمعات وتحصينها من التلاشي لأن أساس كل بناء إشاعة ثقافة الحب والوئام بين أبناء المجتمع الصغير (الأسرة) والكبير (المجتمع) .