حنان جميل حنا 



سنوات طوال مضت منذ ان حررتني من قيودي ، رفعت برقعي البغيض أنتشلتني من غيبوبتي ولما افقت ، كان عطرك يملأني ، ولا يزال ، ولا أزال أنا كلما تقربتُ من ندى رفيف أغصانك واستنشقت عبير وريقات ربيعك ، تهجرني كأبة النهار وصدع الفراغات رويدا رويدا أتحول من طور شرنقة إلى فراشة رشيقة الجناح وبريئة الحواس أحلم بأن اذيع حبك على الملأ لكي أراقص خيالك بنشوة عبيرك كرقص دوائر الهواء حين تضرب سطح برك الماء الصافية ، اغمض عيني فأثير عطرك يبهجني أعبر فناء الحقول والربوع أحلق خلال فضاء ملون رسمه الخالق بريشة خالية من هشاشة البشر ، أبحر خلال الأمواج وأترنح بلججها بين المد والجزر ساعات الليل والنهار لأرتمي أخيراً بحض دفء رمال السواحل ، يسألني البعض فأسدل عيوني كي لا تفضحني لكن انسياب الريح يعريني و سنابل شعري تلوح بعيدا توشح وجنتي وتتشابك بقتال مع رمش عيني في ملحمة خيالية توقض النائم من سبات عميق الدهاليز تلهمني نعومة تأججها ، فأرفع بعضا بأناملي وتنسكب مني قطرة من تلك اللمحة الحالمة فتفضحني ، فيكشف الناس سري المغبوط ، عطرك يملأني يلازمني كهالة تحتضن القمر وهو يمخر في بحار الفضاء بأول لحن الغسق كأول ترنيمة حفظتها غيبا ومثل أول شريط حرير زين ضفائري ، سحر يسرقني من روحي وأي سحر ! سحر يزف القمر وحوله سرب لؤلؤي من نجوم تتلألأ لليل طويل السهد لتراقص القمر لأول خيوط الضحى ، هكذا يزف عطرك لأنفاسي.