علي النصير



جدل النور والظلام يتمثل في أكثر من ظاهرة كونية ولكن أعظم ظواهر التاريخ تجليا هي مأساة الحسين (ع) على مر الأزمنة , فقوة النور المتمثلة بالأمام الحسين (ع) تحارب وتصارع قوة الظلام والوحشية والرعاة المتمثلة بيزيد وأعوانه , ثورة الحسين واستشهاده وكل ما حدث من مأساة أجبرت عواطفنا إلى الكتابة تحت دموع مؤلمة تنسدل من حبر القلم كون هذه الثورة العربية نموذجا مميزا خالدا حتى يوم الواقعة , نبحث عن الوفاء الحقيقي للحسين (ع) الذي من اجل القيم والمبادئ الإنسانية ضحى بالغالي والنفيس ليجسد بطولة مسرحية اختاره الله أن يكون بطلها بكل تميز وإبداع , السير على نهجه وتعلم الوفاء وعدم القبول بالذلة والطغيان وفتح أبواب النور المغلقة التي أقفلت على يد بني أمية فكان الحسين (ع) مفتاح النور اللامع الذي انتظره أنصار الإنسانية .

حرب النور والظلام , النور الذي جاء به جبرائيل ونشره رسول الله (ص) بين الشعوب والظلام الذي تمثل بالجبابرة ومحبي التسلط والرياء , فنور الحسين (ع) شع خالدا لينير للشعوب دروب الهدايا والرشاد والشجاعة والمكانة الرفيعة والزهد والصدق والإخلاص , تألمنا على ما جرى لأمام وقائد عظيم شجاع صابر, ونعلم لنور الحسين (ع) تأثيرا كبيرا في قلوبنا وعشقا أزليا لا ينتهي فلم يطفئ هذا النور الذي أشعل داخلنا فهو نور من عظمة نور الله سبحانه وتعالى مهما حاول الأعداء محاربته وإطفاءه رغم شراسة وفجيعة الجرائم التي صبت على حبيبنا وصلت إلى تعرية جسده الشريف ودهسه بحذوات أحصنتهم حتى سمع تهشم عظامه .
السلام على دماء لونت ارض كربلاء وطهرت الرسالة الإنسانية للخالق وسقت شجرة النبؤة بنور دماءه الطاهرة , السلام على فكر الحسين (ع) الذي أصبح مدرسة تدرس لجميع شعوب العالم فهذا هو رسول الرسالة وهو من حفظ الرسالة بكل صورة بهيجة , فهو نور جميع البشرية التي أخرجت العالم من ظلمات الجهل والفساد والشرك , هذا هو نور الكرامة نور العزة نور الحق , السلام على نور الحسين .
 رسالة الحسين (ع) خالدة دائما وابدآ , موجودة في كل شيء في الأدب والثقافة وفي السنن والآثار وفي الاعتقادات ودوما في القلوب , حرب الصحوة الجماهيرية المظلومة على الظالم , حرب الانتفاضة بوجه الحاكم حرب أعادة الكرامة والشرف للإسلام , لنتعلم من الحسين (ع) العفو والإحسان ولنصطبغ بمدرسته الجبارة فإنها قاموس يبين لنا ما نجهله من قيم وتقاليد نجهلها في يومنا هذا . 
السلام على تلك الصرخة التي أطلقها وحيدا مفجوعا تحيطه حشود الآلاف من جيوش العدو الفاجر, تبقى حرارتها أزلية في قلوب الأنصار والمحبين وطريقة تخاطب الضمائر الحية , هذه الصرخة التي مثلت الثورة المباركة الداعية للحق والاستقلالية ورفض الجور والعبيد ومهاوي الرذيلة فكانت نقطة تحول كبيرة ومهمة في مسيرة الرسالة الإسلامية هدفها رسم حياة خالدة حرة علمية رافضة للخزي والعار أعطت درس رائع ومشرف لحامل رسالة بيت النبؤة  .



ما أعظم الحزن عند سماع المأساة التي وقعت للحسين (ع) وقد هوى من جواده الميمون كنجمة مضاءة ترشقه السهام من كل جانب كأنها أمطار غزيرة تأخذه من كل مكان وهو يتقبلها بصدره ونحره محاصرا من قبل جنود يزيد يتقدمهم الشمر بثيابه الحمراء المرعبة , فأخذته رماح الحقد فالتف الباطل من كل جانب حول الحق ليطفئ نور العلم بجور الظلام, أنها معركة الحق ضد جحافل الباطل والمظلومين على الظالمين وأصحاب الرسالة على الجبابرة المنافقين أنها معركة حرية الإنسان وإعادة الحق إلى نصابة , نلاحظ واقعية الحياة الصاخبة والضاجة بالخسائر الفادحة فالحسين (ع) يمثل أعلى قيم الشهادة.
الحسين علامة بشرية مرتبطة بثقافة محددة وهي الثقافة العربية الإسلامية , ورمز العدل البشري الإلهي مقابل البشري المظلم المتسلط المنافق , فالتضاد اشد تنافر , نرى كيف يذبح نور قائدنا الفذ و الظلام يبقى حيا , إنسانيا الحرية تنتصر والظلام إلى الزوال .
لتبقى ثورة الحسين (ع) وتضحياته مقياسا خالدا للثورات ومثالا للإنسانية اجمع , فأنت سيد الأحرار وعبقهم الذي لا ينضب فالسلام عليك وعلى دمائك الزكية وشفاهك الذابلات .