د. فاتح عبدالسلام


قرار مهم أعلنته الحكومة العراقية بشأن مصادرة السلاح الذي يتسبب بالنزاعات العشائرية ويهدد السلم الاجتماعي واستقرار المدن والارياف، بعد تفاقم الحوادث لاسيما في جنوب العراق. لكن هذا القرار من الممكن أن يُفرغ من محتواه ويتحوّل الى أي قرار سبقه لا تتوافر له شروط البقاء والتطبيق، بل قد يتم استغلاله في التصفيات السياسية لاسيما انَّ موسم الانتخابات مقبل .
قضية سلاح العشائر قديمة ومتداخلة مع القيم العشائرية السائدة والاضافات التي زيدت عليها جرت في ظل حالة أكبر من انفلات السلاح خارج نطاق سيطرة الدولة العراقية في ظاهرة لم يشهدها البلد منذ تأسيس حكوماته قبل مائة عام .
تأخّرَ هذا القرار عقداً ونصف العقد من الزمن في أقل تقدير، بل أنَّ حكومات عراقية سابقة جاملت الى حد غض النظر وتسهيل تكديس السلاح في أماكن وأيدي خارج القانون كجزء غير مفهوم من حالة تعاطي مبتذل، في أقل توصيف، مع الشأن الامني والسياسي، بل الوطني في البلد
اليوم يتداخل سلاح العشائر في مناطق كثيرة مع سلاح آخر في أيدي مليشيات وجماعات تعد السلاح جزءً من مكتسباتها وأدوات وجودها واستمراريتها، وانَّ التخلي عنه من الأمور المستحيلة في ظل الدولة التي لم تصل الى ترسيم سياسي جديد للبلد يضمن الحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية والأمن العام تحت مظلة قانونية راسخة واحدة، وليس لأحد داخلي أو خارجي التأثير عليها وفيها.
السلاح الذي يتم التقاتل به الان ، ليس له عائدية محددة لكي يمكن اقفال أبواب تدفقه ومصادرة الموجود والمتداول منه.
إنَّ هناك مسافات طويلة قد تحتاج الحكومة أن تقطعها لتثبت أنَّ هذه الأسلحة غير منضبطة دون سواها، لاسيما أنَّ المناخ العام للعراق تجثم عليه هياكل فساد ثقيلة وله أذرع سياسية ومسلحة وتستطيع أن تجادل عبر مفاتيح الضغط والقوة وتقلب الحقائق.
هذا القرار الرائع في غاياته، يشبه قرارات تلاحق صغار الحرامية وتتجاهل حيتان الفساد التي تتحكّم بمصير البلد على مرآى ومسمع الجميع، بل بمباركات ذات صبغة شرعية غالبا.