علي العوادي 


مما لا شك فيه أن تحديد شخصية الإنسان يعتمد على أمور عديدة تساعد الآخرين على معرفة ماهية تلك الشخصية وبالتالي تحديد أسلوب التعامل معها ، وقد يكون لشكل الإنسان وهيئته تأثير، لكنه يكون محدودا للإفصاح عن بعض مكنونات ذلك الغموض الذي نلف به عالمنا الشخصي الخاص ، إلا ان أفعالنا - وما ينتج عنها - تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين في الأمور الحياتية البسيطة أو المستعصية هي  المفتاح السحري  لفتح ذلك الباب الموصد أمام عدسات أعين الناس وأمام آرائهم ، قال احد الحكماء لمتبختر بشكله وهندامه : (تكلم حتى أراك ) لان شخصية الإنسان مخبوءة تحت طي لسانه .
 ولأننا بشر ولا يمكننا أن نلتحف برداء التصوف والتجرد من طبيعتنا البشرية التي تسيرها (الصفة الملائكية ( العقل) والصفة الحيوانية البهيمية ( الغريزةلذا فإننا وبحسب متطلبات تلك الطبيعة البشرية قد نبتهج إلى حد التفاخر عندما يمتدحنا الآخرون وينسبون ألينا - لسبب أو لآخر - صفات حسنة ربما  نكون اهلا لها ، وقد لا نكون أهلا لها لا من بعيد ولا من قريب ! ، وان أردنا (نحن) أن نمتدح الآخرين فإننا نسهب - في حالات معينة في مدحهملا لأستحقاقات فعلية لديهم بل لغاية في نفس يعقوب ، كأن تكون إيصال رسالة مشفرة ملئها الحقد والحسد إلى أشخاص آخرين نتجنب مواجهتهم وجها لوجه ، وبحسب الطبيعة البشرية أيضا وما يتبعها من حب الذات ، فإننا كارهون لأي صفة ذميمة تشمئز منها نفوسنا ، وان كانت تلك الصفة او ذلك الوصف السيء نتاج حتمي لفعل قبيح من أفعالنا البهيمية ، والتي قد تكون قد أحدثت ضررا منظورا أو غير منظور في مسيرة حياتنا أو في مسيرة حياة الآخرين ، ذلك يعني بأننا مقتنعون تمام الاقتناع  بان مسيرتنا الحياتية هي الأصح ولم تحد عن جادة الصواب ، وان مسيرة حياة الآخرين هي في جادة الصواب أيضا ما دامت متطابقة مع آرائنا وأهوائنا ، فان خالفت - ولو في أمور بسيطة - فإنها - وبرئينا الشخصي الأناني  ستكون قد انحرفت عن السلوك الإنساني القويم إلى مزالق الانحطاط الأخلاقي ، والسبب هو أننا نرتضي لأنفسنا ما لا نرتضيه لغيرنا ، وأننا مسلمون ولما يدخل الإيمان في قلوبنا ، وان البعض منا بعيدون كل البعد عن النهج الإصلاحي لمعلم البشرية محمد صلى الله عليه وآله ، فلم يكن صلى الله عليه واله رؤوفا بالمؤمنين رحيما بحالهم حسب ، إنما امتدت رحمته ورأفته لتشمل الحيوان والطير وحتى الهوام ، فثبت حقوقها وكيفية تعامل البشر معها ، أما نحن فلا نأخذ من ذلك الفيض الإلهي إلا ما يجعلنا في سلامة في دنيانا ، فغالبيتنا وعاظ ناصحون ومصلحون ولكن لا إنصاف لأفعال للآخرين من أنفسنا... ! و...لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عارعليك إذا فعلت عظيم.