محمود الجاف


 في 20 آب عام 1969 هُجرت الشوارع في بلغاريا بسبب العرض التلفزيوني لمُسلسل " في كل كيلومتر " كان كاتب السيناريو بافيل فيجينوف قد أضفى على شخصية الرئيس نيكولا ديانوف ملامح البطل الخارق في مُقاومة السلطة آنذاك . هذا العمل لاقا نجاحا باهراً في الكثير من بلدان العالم . لأن احداثه تروي ضمأ الشعوب الحية المُضطهدة التي تبحث عن الحرية وتأبى القيود . ولهذا ارتفعت الاصوات التي تردد الاناشيد الوطنية وتُمجد الثورة والثوار . قصائد وعمليات وأبطال وقصص وتضحيات ومآسي وانتصارات ذهبت أدراج الرياح . ولكن الغريب اننا في كل مرة نقاتل فيها نخسر اكثر وينتصر عدونا رغم ان مقاتلينا اكثر شجاعة وعدداً وقوة وإيمانا بالقضية . إلا ان السر الذي لم نكن نُدركهُ ان اغلب حُكامنا عملاء خونة وان اعداءنا فهموا الاسلام جيداً وعملوا على تنمية وتطوير الافكار الهدامة التي جاء بها اعداءنا التاريخيين الموجودين بيننا والذين لم نكن نُلقي لهم بالا ونجحوا في تخريبه من الداخل كما قرروا في مُؤتمر نهاوند ونفذوه بدقة ونجاح باهر . فكل شيء عندهم يُنفذ وفق خطة مدروسة ونحن ننسى وهم يتذكرون . علما ان عبد الله ابن سبأ هو الاكثر شبها وقربا من كل الاحفاد بكورش وإستير ...

عرفوا ان المشاعر والطيبة هي التي تقود وتُقيِّد عقولنا وإننا نُهرول خلف كل من يرتدي بزةً جميلة وحولهُ مجموعة من الحمايات الخاصة والعجلات السوداء . اعمت أبصارنا الابتسامة الصفراء ولهذا لم نفهم ان الآية والمَلِك والامير والقائد الذين نجلهُم وندعو لهُم بالخير وطول العمر . ما هم الا ثُلةً من الكذابين العملاء الجبناء الذين يخشون حتى ضِلالهُم وكل ما اصابنا كان جراء هفواتهم وشذوذهم . كان يجب ان نفهم اننا لسنا في زمان النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومانراهم ليسوا هم الصحابة ولا آل البيت . حتى لا نُفاجأ ان حماة الدين ومهبط الوحي ومهد الرسالة هم الذين ضيعوه . ضيعوا دين الله خوفا من مخلوقاته . والمصيبة ان شعوبنا مازالت تعيش في السراب (Mirage)‏ : وهو احد انواع الوهم البصري الذي يجعل الاشياء البعيدة تبدو أقرب مما هي عليه او تطفو في الجو مثل جبل أو سفينة . لكنهُ سرابٌ من نوعٍ اخر اشدُ خطراً جعل الكثير من الناس تتخيل احداثاً غير موجودة مما دفعهُم الى الخطأ في التحليل . فنحنُ نشعر احيانا إن الذي يرسمهُ القلم هو الذي يُحدد طبيعة الانتصار أو الانتكاسة ومصير البشر لأنه المِرآةِ التي تعكسُ صورَ المُفكرين وسفير العقل وتُرجمانه . لكنهُ قد يجرح ويُؤذي أكثر من السيف إن اخطأ والمشكلة انهُ لا ينحني فهو يملك رأساً بلا رقبة وبما إننا نعيشُ اليوم في زمن الركود الحضاري فقد قررت أن ارفع لكم الحقيقة من تحت الركام . عارية كما هي وأكتب شيئا لا ينفع سوى من يفهمه لأني أؤمن ان المقال هو الذي يبحث عن قارئه . وسأكون اكثر دقة في التشخيص ووضوحا في طرح الحلول وقساوة في كشف السلبيات ...

فانا منذُ أمدٍ بعيد حذرتُ جميع الشخصيات والقوى الوطنية والدول التي تدّعي تبني حماية المنهج الاسلامي ومُعتنقيه من ان العراق في طريقه الى الزوال . بل والامة كلها وقد حصل . وكل ما تسمعوه او تتداوله مواقع التواصل الاجتماعي ما هي الا امنيات واوهام واحلام بعيدة جداً عن الواقع الذي عليكم ان تصدقوه والا سنبقى نلف وندور ونعود من حيث بدأنا . قلت في مقال اخطبوط الموت وعمائم الشياطين ان نظام الملالي يمد ذراعا ويُؤخر اخرى حسب الحاجة والظروف والضرورة ولايهمهُ دينٌ او عرقٌ او مذهب . لان اهم ما يصبوا اليه هو تحقيق اهداف اسياده وتحويل مُتبعيه الى عبيد . بقينا نُردد ونُصدق ان الخير قادم والتحرير والتغيير ثم تطورت قناعاتنا على ان المنقذ هي امريكا ودول الخليج التي كانت السبب في ما نحن فيه وانها والصفويين اعداء . ولا ندري ان ايران وجرائها موافقة على كل ما جرى او سيجري بل ومتفقة عليه ونفذت الواجب بنجاح باهر واذرعها موجودة ومخالبها ستبقى في جسد الامة وخذوا مني سنةً من الان بأن شيئا لن يتغير . سيفلتوا بكل الاموال التي سرقوها والجرائم التي ارتكبوها لأنها تصبُّ في ذات المصلحة فكل الطرق تُؤدي الى روما وآن الاوان للببغاوات ان تصمت وتترك سيناريوهات عودة الحياة الى بلد الموت . صدقوني ان كل شيء قد انتهى وعليكم ان تفهموا ان الكل سيجري في ركابهم علناً . وسيتحكمون حتى في تعاليم ديننا ويكتمل مشروعهم الكبير ونصفق جميعنا للخميني الدجال وعمائم الشياطين الذين نجحوا في خداع الملايين ودفعوهم الى تحقيق شهواتهم ورغباتهم بعد ان وضعوهم في وعاء الجهل والخرافة وسيندمون ويكتشفون ان الاسلام لم يتمكن من قلوبهم بعد وانهم مازالوا يعبدون اللات ومناة والعزى وهبل وانها مازالت هي نفسها ولكن بأسماء واشكال وازياء جديدة . ولكن هذه المرة على الطريقة الفرنسية ( اقصد العبادة ) 

مبارك الى قادتنا هذا النجاح الذي توج بمرور الطائرة ( كريات غات ) التي حلقت فوق السماء التي هبط منها الوحي يوم اراد الله ان ينزل الرحمة ونور الهداية الى الانسانية . ومن المؤكد انكم لاتعرفون معنى هذا الاسم ؟ انه لقرية فلسطينية تدعى الفالوجة استبسل اهلها في الدفاع عنها عام 1948 وبقيت رمزا للمقاومة وعندما دخلوها حولوها الى مستوطنة اطلقوا عليها ( كريات غات ) انا اعلم أن أمريكا الصليبية دخلت على خط المواجهة الى جانبهم باسم الحرب على الإرهاب كذريعة لتدميرنا خاصة بعد صعود الإنجيليين المُتعصبين الذين يرون في دعمهم تحقيقاً للنبوءات التي يتعلقون بها فهو تحالف مقيت لتدمير الأمة وإسكات صوتها إلى الأبد ولكنهم لن يفلحوا وإن نصر الله لآت ... 

قال تعالى ( وَقَضَيْنَا إِليهِ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ( أي تقدمنا إليه وأخبرناه بذلك وأعلمناه به . ثم بين الله لنا كيف لاقوا العذاب نتيجة أفعالهم القبيحة فقال ﴿ فَإذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً ﴾ أي سلطنا عليكم جنداً أولي بأس شديد تملكوا بلادكم ثم قال ﴿ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً ﴾ وهذه هي المرة الثانية وأن التتبير آت ومهما بالغوا في الإفساد فإن الله سيسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب ﴿ وَإنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ﴾ وان نهايتهم تكون في بيت المقدس وشاهدوا اليوم كيف يقتلون المسلمين ولكنهم لم يحققوا أي نصر . قال تعالى ﴿ لَنْ يَضُرُّوُكُمْ إِلاَّ أَذَىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ﴾ انتظروا الخرائط الجديدة للوطن العربي والعالم الاسلامي وفكروا في انفسكم وعوامل النصر الاكيدة في وحدتكم تحت راية وغاية واحدة والثبات على دينكم وما يمكنكم الحفاظ عليه بعد ان خسرنا كل شيء . فالذي عرض في مزاد البيع كان كل شيء . كل ما تعنيه هذه الكلمة . دينكم وارضكم وثرواتكم وماضيكم وحاضركم والدماء التي دفعتموها . لكني اود ان اقول لهم بان لايفرحوا لأن وعد ربنا بالنصر قادم وهو حق والله لايخلف الميعاد ...

فعن ابي هريرة ان رسول الله ﷺ قال : بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء" ... وعن ثوبان رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" وهذا الحديث بشارة بنصر الإسلام بعد غربته الثانية ويؤيد ذلك ما ثبت في أحاديث المهدي ونزول عيسى عليه السلام وعزة المسلمين وقوتهم ودحضهم الكفر وبيان فضل المتمسكون بشرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهم أهل الثبات على الحق وسبب ذلك أن الناس يكون حالهم شبيهاً بحال الجاهلية فإذا انفرد من بينهم من يعبد ربهُ كان بمنزلة من هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُؤمناً به مُتبعاً لأوامره تاركاً الانتساب إلى أحد . لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة وجهاد من هذا النوع يحتاج إلى عصبة لا تخاف إلاَّ الله يصطفيها بين الحين والآخر لحفظ دينه . والناظر في تسلسل الأحداث عبر التاريخ يجد أن هذه الثلة لم تنعدم سواء أكانت متمثلة في فرد أم في أمة ... وهذا وعد من الله عز وجل لعباده عند قيام دولة الإسلام مجدداً . الدولة التي لن تعود الا بعد ان يكون لنا في كل شبر مقاومة وليس في كل كيلو متر . 

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلَهُمْ المسْلِمُونَ حَتى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَو الشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِي خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ

كَثُرَت الفتن وتتابعَت تَموجُ يرقُقُ بَعضها بَعضًا فلا تَحزَنوا لِتَجمُع أحزاب هذا الزَمان عَلينا . في الغار ورَسولُ الله صَلَ الله عَليهِ وَسَلَم يَنظُر إلى أقدامِ المُشرِكين قالَ ( لا تَحزَن إنَ اللهَ مَعَنا ) وَكانَ مُطارَداً وبشَّر سُراقَة بِأنَهُ سَيَلبَس سِوارَي كِسرى . وهكَذا الإعتِصام بِالله فَقَد كانَ إذا أصابَهُ غَماً لَجأ إلى الصَلاة يَشكو إلى رَبَهُ وَيُناجيهِ فَهُوَ يَهوي إلى رُكن شَديد . فَيا مَن وَقَعتَ في شِدَة إرفَع يَدَيكَ إلى السَماء وَادعو وَالله يَعصِمُكَ مِنَ الناس ... 

أليسَ اللهُ بِكاف عَبدَه ؟ . 

(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف