د. فاتح عبدالسلام


خرجت تصريحات وتأويلات وربّما تسريبات عن زيارة الوفد العراقي الى واشنطن ولقائه الرئيس الامريكي دونالد ترامب. وجميع ما ظهر كان مثيراً حتى الغامض منه، ولعل اية كلمة تصدر من واشنطن إزاء العراق هي مثيرة وجذابة بحد ذاتها، لأنّ العراقيين برغم يأسهم ينتظرون الدعم ويتطلعون الى حلول بات من الراسخ في اذهانهم انها تأتي من الخارج، وانهم يريدون تطبيق المقولات على الواقع . ربما كان الكثير من التسريبات غير صحيح ، لكن أحداً لم يخرج علينا ليُصحح.
من الجانب العراقي، نرى الزيارة تحدث وتنتهي، من دون أي بيان تفصيلي يشرح للشعب ما حدث وماجرى الاتفاق عليه في لقاءات جرى تصويرها على انَّها تاريخية وربما مصيرية في بعض التوصيفات. تبدو كلمة السرية غير مناسبة مطلقاً في أن يجري الحاقها بالمباحثات التي جرت في البيت الابيض، لأنَّ وضع العراق لم يعد يحتمل السرية في شيء، ولعل المكاشفة مهما كانت صعبة ومرّة فهي أخف وطأة من أي شيء آخر.
المسألة لا تتعلق بزيارة واشنطن فقط، وانما الحال كذلك مع معظم الزيارات والقمم الرئاسية التي تظل صفحاتها مطوية، وحين تمضي حكومة وتأتي أخرى لا يدري العراقيون من كان السبب في فشل تنفيذ اتفاقيات دولية سابقة وكيف سيتم تعامل الحكومة الجديدة. ولقد رأينا زيارة رئيس الحكومة السابق الى الصين ومارافقها من تصريحات وتأويلات كثيرة، اكتشف العراقيون في سرعة كبيرة أنّها لا علاقة لها بالواقع وانها زيارة مترعة بالتمنيات والحنين الى بعض الماضي التاريخي وربّما الشخصي، ولم تقرأ الخارطة الدولية بدقة، ولعله جرى الاسراع في محاولة زج العراق في معادلة مختلة لصراع دولي واضح بين واشنطن وبكين من دون ان يكون للبلد امكانية النجاة من آثاره.
مكاشفة الشعب بحقيقة الاتفاقات الدولية قد تمنح الحكومات عزماً وقوة وورقة للمناورة في تنفيذ البنود وتحسين الشروط.