د. فاتح عبدالسلام


صدمة بلداننا الضعيفة في أنظمتها الصحية والمعيشية جراء تفشي جائحة كورونا، لا تنتهي مع تلقيح الناس. منظمة الصحة العالمية تقول انّ الفيروس سيبقى للأبد، وربّما يتحول الى موسمي بعد التزود باللقاحات، لكن في حقيقة الامر أننا في البلدان العربية المتعبة، يعنينا شأن أكبر هو ما كشفه هذا الفيروس من اهمال مريع في قطاع الخدمات الصحية وضعف روابط الدعم المجتمعي والحكومي للفئات قليلة الدخل أو الواقعة تحت خط الفقر. إذا كان التلقيح سيطوي ملف اصلاح المستشفيات التعيسة والخدمات الصحية السيئة، فإنّه سيسهم، كما فعل الوباء، في مضار ثقيلة في مجتمعاتنا الهشّة.

الحكومات العربية بحاجة الى مجالس طوارىء جديدة لرسم سياسات مواجهة الظروف الخطيرة المفاجئة في المستقبل، ذلك انّ الانتهاء من فيروس كورونا المستجد لا يمنح إمكانات لعدم الوقوع في مصيبة جديدة بعد سنة أو سنتين لأسباب تتعلق بالفيروسات والكوارث المناخية أو الطبيعية أو الغذائية.

فضلا عن شبح الحروب الذي يخيم على المنطقة بقوة، ولا حلول وقائية منه في ظل سياسات عربية ضعيفة التأثير في المحيطين الاقليم والدولي.

هناك دول عربية واقعة أساساً في ظروف حرب، منها سوريا وليبيا، أو في مواجهة ازمات وتداعيات النزوح واهتزازات سياسية وأمنية داخلية وهي كثيرة. هذه الدول ومنها العراق، لابدّ أن تبدأ في ابرام مواثيق اعادة بناء المجتمعات بحسب قوانين صارمة لتوجيه المسارات نحو النهايات الآمنة وليست السائبة، كما يفهم معظم الساسة تسيير الوضع العراقي اليوم.

أمامنا مسؤولية لادراك الأولوية في انّ مجتمعاتنا تحتاج التلقيح المبكر ضد أخطاء سياسية قادت لنخر البنية العامة بالفساد والخراب، وتجلت مظاهرها العامة في تداعيات فيروس كورونا، وليس التلقيح كغاية نهائية ضد الجائحة ذاتها.