محمد حمزة الجبوري



بات المبصر والبصير يدرك حقيقة مفادها أن الحكومات التي تشكلت سابقا والحكومة الحالية التي مرت بمخاضها السياسي المعتاد  ، خضعت وستخضع لصراعين (داخلي وخارجي) أسهما منذ وهلتها في رسم ملامحها وتحكما بقدرتها على "الوفاء" بالإلتزامات الوطنية والقيام بالإصلاحات التي رفعتها هي وقبلها الأحزاب والحركات الفائزة عبر برامجها الإنتخابية، بمعنى أن الوزارة الماثلة كسابقاتها مكبلة بقيود عصية على الكسر توافقية لحد بعيد منزوعة الإرادة بشكل جلي .


هذا المشهد الدراماتيكي أعتاد عليه العراقيون بعد كل تجربة (ديمقراطية )_ واسمحوا لنا أن نضع هذه الكلمة بين معقوفتين _ يجريها الشعب عله يرى بصيصا في آخر النفق وتتبدل لياليه المظلمة نهارات مشرقة ، ولكن سرعان ما يصطدم حلمه بواقع مليء بالتناقضات الغير مبررة . السؤال هل سنبقى ندور في ذات الفلك و نكرر ذات المشهد والمآل أم سيكون لنا رأي انتخابي آخر؟


 أحيانا نحاول نحن الحالمون  جر الناس وعويا إلى فضاءات التفاؤل ،ونسعى إلى تبيان أن القادم سيحمل في طياته الكثير من المسرات واللحظات المغايرة ،ولكن تجري "الرياح الخارجية" بما لا تشتهي سفن جماهير الداخل وتطلعاتهم ،وبين "مطامح الخارج ومطامع الداخل السياسي" تضيع رفاهية شعب تحولت جل أحلامه "التنعم" ببرمجة التيار الكهربائي 2*2  !!


القصص والحكايا التي سيكتبها الرواة والمؤرخين عن العقود الزمنية المتأخرة للعراقيين ،سيقرأها الجيل المقبل بغرابة ،وسيتسائل : كيف لوطن يكتنز في جوفه ثروات الدنيا وخزائنها، لوطن أسمه بلاد ما بين النهرين، لبلاد تعج بفرص النماء والتقدم يعيش أبناءه فقرا مدقعا، واقعا مظلما، مناخا اجتماعيا مفزعا (نزاع، طائفية، تصفيات، تلاشي القيم، ضياع ،  تهجير،  تفجير فساد. .مافيات وووو. ..) ،كيف لبلد "الخمسة ألاف عام" أن يسمح للآخرين بانتزاع سيادته والتحكم بمصيره ورسم ملامح مستقبله ، كيف لوطن الرجال أن يسمح لثلة سياسية فاسدة محتالة أن تبدد ثرواته وتسرق لحظاته وتجوع أطفاله ، هل فكر المتصدون بأجوبة منطقية لهذا الكم الهائل من الأسئلة التي سيطرحها الجيل القادم؟ ،ومتى سيعترف ما يسمى بالقادة السياسيين بأنهم أس الفشل والخراب السياسي بدلا من أن يقولوا كذبا وبهتاناً أنهم سيجدون حلولا لمشاكل البلاد المتفاقمة؟؟، وهل سنشهد واقعاً سياسياً وانتخابيا مغايراً ويتنامى وعيا جمعيا يفضي ل "ولادة الدولة" أم سنبقى في غياهب الفوضى الخلاقة إلى الأبد؟ ؛ وهل ستنضب أحزمة التكفير الناسفة ونشهد انجلاء آخر قطرة دم بريئة مراقة على شوارع بغداد وأزقتها؟