لبنى الحرباوي


لا تجلسوا في غرف مظلمة. أضيئوا الأنوار أمامكم ثم أوقدوا كل شعلة داخلكم.

هذا الشتاء لا يشبه أي شتاء

مختبئون في الظلام أو مختبئون منه، كثيرون منا لا يعرفون كيف يجيبون حاليا على السؤال البسيط “كيف حالك”؟

لا بأس بذلك، يمر العالم بفترة مرهقة بشكل لا يصدق بسبب فايروس كورونا.

يجلس جمهور المكتئبين سلفا وأنا منهم، بسبب الوباء، وقد زادت جرعة اكتئابهم بسبب التحاق الاكتئاب الموسمي بالركب، فهم ينتظرون مرور فصل الشتاء وعودة الربيع ومن بعده الصيف، فهذا الشتاء لا يشبه أي شتاء شهده معظمنا.

ورغم ذلك بيننا رومانسيون كثر يحبون الشتاء يراقبون الأمطار من الشباك بمتعة ويتغزلون في أكواب القهوة الساخنة. فإذا كنت منهم، وتحبذ أشهر الشتاء الباردة وتعتبرها موسمك المفضل، فقد يعني ذلك أنك على الأغلب شخص هادئ وانطوائي.

يحب بعضنا الآخر الربيع بأشجاره المزهرة وأيامه المشمسة ودرجات حرارته المعتدلة، هؤلاء على الأغلب أشخاص محبون في رحلة بحث دائمة عن تجارب جديدة.

يفضل آخرون أيام الصيف الطويلة الحارة، هؤلاء الأشخاص عادة مرحون مليئون بالطاقة الإيجابية، لكن أمزجتهم دوّامة من العواطف المليئة بالتغيرات.

هناك نوع آخر من البشر، واقع في حب الخريف اللذيذ بألوانه النابضة بالحياة. لدى هؤلاء الناس شخصيات هادئة ورومانسية وخلاقة.

باختصار، لكل منا فصله المفضل، تتأثر تفضيلاتنا بأشهر ميلادنا أو بذكرياتنا أو تجاربنا. لكن خياراتنا تقول الكثير عن شخصياتنا.

شخصيا لا أحب فصل الشتاء وأتأمل يوميا نهايته، انتظارا للربيع والصيف. أظن أن الشتاء تغير كثيرا فنحن لا نغطي أنفسنا فقط بالملابس بل نغطي مشاعرنا أيضا. بات أغلبنا قوالب ثلج تنتظر الشمس لتذيب جليد القلوب.

يشبه الأمر نمر العاصمة النرويجية أوسلو أين يستمر الثلج في التساقط من شهر سبتمبر حتى مارس غالبا، فإذا ضربت موعدا مع أحدهم، فسيقول دون تفكير نلتقي بجانب النمر. وإذا كنت جديدا على المدينة لن تعرف أين يوجد هذا النمر، رغم أنه أشهر من نار على علم وارتفاعه أكثر من 4 أمتار، بل ويقع في قلب المدينة بجانب محطة الأرتال ومقابل سوق المخدرات وحديقة المدمنين.

السبب في عدم رؤية النمر أنه يبقى طوال السنة مغطى كليا بالثلج، لن تنال شرف التعرف إلى السيد نمر إلا حين ذوبان الثلج في أبريل.

يشبه النمر مشاعرنا حاليا، غطيناها بأكوام كبيرة من الجليد، الذي فوت علينا مواعيد جميلة كثيرة ولا نعرف كيف سنذيبه.

لا تجلسوا في غرف مظلمة. أضيئوا الأنوار أمامكم ثم أوقدوا كل شعلة داخلكم.

صحافية تونسية