بقلم / هويدا دويدار 


قرأت فى كتاب تاريخ بغداد للمؤلف[أحمدبن على بن ثابت.]...الملقب بالخطيب 

أخبرنا عبد العزيز بن أبى الحسن القرمسينى قال سمعت عمر بن أحمد بن عثمان يقول سمعت أبا بكر النيسابورى يقول سمعت يونس عبد الأعلى يقول [قال لى الشافعى :يايونس دخلت بغداد ؟قلت لا

قال :ما رأيت الدنيا 


تأسست بغداد عام 463 هجرية

ومنذ مهدها باتت منبع الحضارات لكثرة الإختراعات و الإبتكارات الحضارية التى ظهرت قبل غيرها منذ فترة ما قبل الميلاد فقد شهدت عددا من الفنون المعقدة وصنع الأعمال الخزفية وعرفت حياة الإستقرار بالزراعة مما أدى إلى خلق التجمعات السكنية وقد كانت أساس لبناء المدنية فالعراقيون القدماء أبدعوا فى كافة المجالات 

وتحتوى المنطقة على أولى المراكز الحضارية فى العالم وهى حضارة سومر حيث إمتدت هذه الحضارة إلى سوريا وبلاد فارس وجنوب شرق تركيا ووجدت أيضا فى دولة الكويت والبحرين والأحواز بإيران فقد كان لبلاد الرافدين إنفتاح وإتصال بالحضارات القديمة فى مصر والهند وقد أثر الأدب العراقى فى تأليف الأناجيل حيث أثرت الأساطير العراقية القديمة فى الحكايات التوراتية وقد كانت المعاهد الأوربية الأمريكية فى القرن التاسع عشر تحول البعثات الأثارية إلى العراق بغرض إيجاد دليل مادى يؤكد قصص التوراة  

وقد ظل العراق القديم متنوعا يتوق لإبتكارات جديدة حتى القرن السابع الميلادى حتى فتحه العرب المسلمون وظل تاريخ العراق حافل وتوالت عليه الحقب الزمنية الفارقة والصراعات التى أثرت على فى وجه الحضارة العربية بخاصة العراق


فمع الإجتياح المغولى الذى  أعد كارثة كبرى للمسلمين فقد اباد المغول مدنا عراقية كاملة وأحرق عددا كبيرا من المؤلفات القيمة والنفيسة فى مختلف المجالات وأحرق بيت الحكمة الذى كان يعد من أعظم مكتبات العالم وألقوا بالكتب النفيسة فى نهرى دجلة والفرات وقاموا بقتل العديدمن العلماء فى مجزرة تاريخية  ومع سقوط بغداد كانت نهاية العصر الذهبى للإسلام فقد أعد هذا إنحدار للحضارة الإسلامية وتراجعها وبقى سقوط بغداد حيا فى الذاكرة العراقية

وفى العام 2003 غزت القوات الأمريكية العراق 

حيث قارنها الرئيس العراقى صدام حسين بالمغول 

وقد قال حينها إن بغداد مصممة شعبا وولاة على أن تجعل مغول العصر ينتحرون على أسوارها 

حيث كان الجيش العراقى حينها من أقوى الجيوش العربية التى تقع فى مصاف المنافسة مما جعل العراق محل تهديد للمدللة الأمريكية إسرائيل إذكان لابد من القضاء عليها لتظل المنطقة العربية تحت السيطرة 

وقد خضعت بالفعل المنطقة العربية مما يعد إنجاز 

وحتى اليوم لم تهدأ المنطقة وخاصة بغداد فتارة فتنة طائفية وإنقسامات وخلافات عشائرية 

ومع تلك الصراعات أتيحت الفرصة لدخول عناصر متطرفة تسمى الدولة الإسلامية فقد قامت هذه العناصر بنهب الخيرات وتدمير التراث التاريخى ونهب الخيرات بكافة أنحاء البلاد

حيث الحضارة السومرية والبابلية والأشورية والميديون والسلوقية ...........حتى الدولة العثمانية والإنتداب البريطانى ثم إعلان المملكة العراق 

لذلك فالتراث العراقى تعرض للتدمير مرتين فى التاريخ أولهما عندما نهبت العديد من القطع الأثرية التى أعقبت الغزو الأمريكى للعراق 

والثانية على أيدى تنظيم الدولة الإسلامية عندما إستخدموا الجرافات والمعدات لتحطيم وإسقاط لوحات جدارية وتماثيل فى موقع النمرود الأشورى الذى يعود إلى 3000 عام قرب الموصل وما لم يدمر باعوه وهربوه إلا أن العراق إستطاع إستعادة بعض الأثار وكذلك إستعاد ملف الأسرة المالكة للعراق

فسرقة وتخريب الأثار هى الحروب الثقافية المكملة للحروب التاريخية  

فالعراق دولة عربية وهى جمهورية برلمانية إتحادية وهذا وفقا لدستور العراق وهى عضو مؤسس فى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى 

فمهما هرمت الحضارة فستظل دماؤها تتدفق بحرارة المدافع حتى تنغرس فى خنصر الخنجر فتصير صاعقة فى قلوب من يطفؤها 

ومع طيبها ترفرف أجنحة الأمان على أراضيها العربية فكل صرخة من أبناء الوطن العربى تصيب قلوبنا 

فليس سرابا أن نبحث عن أهاتنا ونداويها فالدماء العربية غالية 

ومع طيب ترابها تتوحد الروح فتصبح نبع الطيب شعوبها 


وما تعيشة الدولة العراقية مؤخرا من تفجيرات وتدمير ما هى إلا مساعى رخيصة لتقويض مساعى الدولة للنهوض إلا اننا نعى ولدينا الثقة الكاملة فى وعى الشعب العراقى والرغبة والدافعية للنهوض مرة أخرى للحفاظ على مكانتها الريادية فى المنطقة 

فشعبها العربى شديد البأس لم تنجب أرضها العربية سوى رجال فلهم من كل كبوة نهوض 

فالتاريخ يسقط على الروح كنثف الذهب فهو حالة بين الإنسان والأرض