"الكاتبة خيرة الساكت – تونس"
صوت شعريّ متفرّد يأتينا من تلك الربوع الزاخرة بالحبّ و الفن و الإحساس ربوع كردستان الثريّة روحا و حرفا و إبداعا . صوت الشاعرة الفقيدة كزال ابراهيم خضر التي ضمّخت مجموعتها الشعرية بعطر الصورة و الحرف و أبدعت في تجسيد مدى رقّة الانسان بشاعرية ممتدة على كامل القصائد .
ما اختصّ به هذا الديوان قصائده المكتوبة في الأصل باللغة الكردية و المترجمة بعد ذلك إلى اللغة العربية لتحمل في طيّاتها أبعادا ثقافية متنوعة و أبعادا شعرية حيث تفرّعت الصورة إلى صور عديدة
و اكتسى الإبداع عمقا فلسفيا روحيّا قوامه الشجن .
قلم مرهف تناول مسائل عديدة لعل أبرزها و أهمها بالنسبة إلى الانسان هو الحبّ الذي يمثل جوهر الحياة و لبّ كل شيء فهو مفهوم ممتدّ و شامل يمكن من خلاله النظر إلى كل المفاهيم و القضايا .
و قد أبدعت الشاعرة هنا في طرحها إذ نجدها تعود بنا إلى طفولة رقيقة حيث الحبّ فيها ملاك أبيض يسكن القلوب ببراءة ثم تعرّج على شباب و حبّ جامح كطائر ...الشوق و التّوق يحكمانه ...
الشوق إلى حبيب و التّوق إلى احتضانه و رغبة جامحة في كسر كل القيود التي يفرضها المجتمع لتحقيق الوصال .
ثم تلج الشاعرة عالم حبّ آخر و هو حبّ الوطن
و تبيّن لنا بكثير من الألم و الأسى ما تفعله الحرب بالأوطان و كيف يغدو الانسان تائها دون ملاذ وسط الموت و الجثث .
جدلية الوطن و الموت حاضرة بقوّة في قصائد الديوان .
أيضا المعاناة تسم الديوان فكل القصائد تنضح ألما و معاناة حتى تلك التي تتحدث عن الحبّ . نهر المعاناة جرف كل الصور الشعريّة و كوّن إيقاعا خاصّا بالديوان .
نلاحظ كذلك حضور الذات و هيمنتها في البنى الدلالية لكثير من الصياغات الشعرية .
المجموعة تعبق بروائح الماضي التّليد و العادات الكردية الأصيلة لتنفتح على رؤية حداثيٌة للحياة
و للشعر الذي تستقدمه من مناطق قصيّة في الذاكرة ... للحبّ و للمرأة ...للمرأة الشاعرة ، للمرأة الشعر ، للمرأة الديوان .
المرأة التي صاغت هذا العمل بحرفيّة و دقّة و كانت متجسّدة في جميع قصائده .
السعي إلى الحريّة إلى الاحتفاء بالحياة ، بالجسد ، بالإحساس و بالحرف .
قضايا المرأة بتفرّعاتها الكثيرة و إصرار على إثبات الوجود و انتزاع الحق في المساواة و في الحبّ.
تغنّت شاعرتنا أيضا بالحياة و قداسة حق الانسان في الحرية و الوجود
و عمدت إلى استدعاء معجم الطبيعة و الأسطورة
و توظيفه لإغناء الصور الشعرية مما وفّر ثراء في هذا المنجز الشعري .
المرأة و الشعر و الشاعر إيقاع شعري رقيق يلامس شغاف القلوب . نصوص كُتبت بطريقة جديدة طريقة المقاطع اللوحات تتّحد لتكوّن مع بعضها لوحة كبرى زاخرة بالإحساس و البوح .
ختاما أشكر الأساتذة المترجمين على مجهوداتهم فلولاهم لما استطعنا معانقة الديوان و النهل من رضاب حرفه و شكر كبير لابنة الفقيدة التي حرصت على تجميع النصوص .
رحم الله الشاعرة المبدعة كزل ابراهيم خضر .
صاحب الحرف خالد لا يموت بما أبدعه .
سعدت جدا بمصافحة هذه الدرر الشعريّة .
0 تعليقات
إرسال تعليق