ثائرة اكرم العكيدي

 

عندما كانت أمل صغيرة حلمت. لم تكن تعلم معنى الأحلام بعد ولا تعرف المرادفة التي تعبر عن هذه الأشياء التي تحدث لها عندما كانت تغمض عينيها كل لحظة كانت تسال والدتها دائما أماه أنا أحلم. فهل هذا طبيعي أم أنني مريضة؟   لم تستطع، لأن كلمة حلم لم تكن بعد دخلت قاموس الكلمات التي عرفتها لكنها بدأت تحدث لها وتتذكرها. ولا تعلم  من أين أتت تقول أمل : الصراحة إنني لم أكن أتخيل أن الأحلام تأتي للواحد. كنت أظن أنني عندما أنام يأخذني السرير إلى مكان ما، ثم يعيدني في الميعاد المناسب للاستيقاظ للذهاب إلى الحضانة. لذلك، في الصباح ، كنت آخر من يزيح عن رأسه الغطاء لكي ينزل من السرير: كنت أخاف أن أفتح عيني بينما أنا في أحد الأماكن التي يأخذني السرير لها، فأتوه ولا أعرف طريق العودة إلى البيت وحدي. أفتح عيني بعدما أسمع أصوات كل من في البيت وأميزها جيداً. أحيانا كانت الإمكان التي أزورها جميلة وأتمنى ان لا أعود للواقع لها الا أحلام  بدأت تلاحقني الكوابيس بالفترة الأخيرة كأن وحوشا تطاردني وتريد النيل مني فأفز خائفة جافة الحلق كأنه حقيقة وليس حلما فتهرع والدتي لي وتاتي على صوت صراخي فتقول ما بك يا ابنتي انه حلم ومضى منذ ذلك اليوم وانا اخاف الليل ان ياتي فيزورني ذلك الكابوس المزعج كانوا اخوتي يضحكون وانا اروي لهم هذا الحلم ويقولون لي كم انت جبانه تخشين من حلم انه ليس حقيقه بعدها ضحكت مع نفسي وقلت انهم محقون وكيف انا وصلت لهذه المرحلة من الجبن انا الاقوى بين اخوتي واخواتي نحن خمس اخوة وخوات ثلاث بنات بعمر الورد اختي هديل تبلغ من العمر 23 سنة طالبة في كلية الحقوق مرحلة أخيرة  وإنا 19 سنة بعد ان حصلت على معدل كبير استطعت به دخول كلية التمريض التي لطالما كان حلمي ان اعمل في مجال الطب وتمنيت ان احصل على معدل اكبر كي اضمن كلية الطب لكن كان معدلي اقل بقليل كافي ليدخلني كلية التمريض وانا الان في السنة اللولى والامتحانات على الأبواب إما أختي الثانية فهي غزل البالغة من العمر 12 سنة طالبة اول  متوسط وهي المدلله لدى الجميع فهي اخر العنقود اما اخوتي الشباب الكبير عيسى 25سنة خريج هندسة  وأخي عدنان 14 سنة طالب متوسطة  أبي موظف في سلك التعليم مدرس لغة الانكليزية لم يتبقى له الكثير حتى يحال على التقاعد هذا ما يقوله كلما طلبت منه والدتي الاهتمام ببعض الأشياء كان يقول لها انتظري لم يتبقى شيء وأتقاعد وافعله لكي كذا وكذا  والدتي هي ربة بيت لكنها على

درجة عالية من الثقافة والإدراك كانت كل يوم تعد لنا الطعام وتقدمه في صحون مليئة بالحب والعطف والحنان كانت تشبعنا الأخلاق قبل خبز الرغيف وتزرع فينا الرحمة والإنسانية قبل زراعة العلم والشهادة هواياتها الرسم فكانت توفر لنا مناخا فنيا وأدبيا ممتعا داخل البيت حيث مكتبة والدي الثرية ورسومات أمي الرائعة  وتعلمنا الأعمال اليدوية في الخياطة والتطريز والحياكة كانت أمي جميلة جدا ولهذا نحن البنات كنا قد أخذنا من جمالها وخاصة عيونها الخضراوتين الكبيرتين اللتين كأنهما حجارة كريم كما أن عليها أن تقف وقفة الرجال لتضع النقاط على الحروف إن رسب أحد إخوتي الصغار في امتحاناته الشهرية، لتعلمه درساً قاسيا بكيفية الالتزام بواجباته المدرسية هي أمي لا كلمات تنصفها ولا اقتباس يكفي للحديث عنها هي سبب فرحة بيتنا ذلك البيت الذي بناه جدي وورثه أبي باعتباره الوحيد بيتنا الذي يقع في قرية كوجو القريبة من جبل سنجار  كنت دائما اتذكر جدي وهو يأخذني لمعبد شرف الدين القريب من ذلك الجبل الشامخ كنا كباقي العوائل التي تقطن منطقة سنجار والتي تبعد 80 كم عن الموصل سكانها اغلبهم من  الديانة الايزيدية التي اعتز وافتخر بها هي ديانة إنسانية تعايشت مع الجميع بكل حب واحترام وخاصة نحن في محافظة متنوعة الديانات والقوميات والطوائف (الموصل) لم أفكر يوما أني ساترك منطقتي أو ارحل عنها فهي ارض أجدادي وتاريخهم نحن فئة تعرضت عبر التاريخ إلى 72 حملة إبادةٍ شُنت ضدنا  لأسبابٍ مختلفة، حيث تسببت هذه الحروب والمذابح بآثار ترسخت في النسيج الاجتماعي والعقلي لأغلب الايزيدين فصار الانزواء عن العالم والتقوقع الاجتماعي والخوف من الغرباء سمةً أساسيةً لنا لكن كل هذا لم يمنعنا من التواصل مع العالم والدراسة وإنشاء مراكز ثقافية واجتماعية ومساهماتنا في النشاطات بجميع أنواعها فخرج منا الطبيب والمهندس والضابط لقد ساهمنا في بناء هذا الوطن حالنا حال باقي الديانات والقوميات ليس من حق احد أن يجبر الناس على الأيمان بما يعتقده لأننا مؤمنون تماما إن الدين لله والأرض للجميع .

كنت دائما أرى شروق الشمس من وراء ذلك الجبل العملاق جبل (سنجار)  والذي ارتبط اسمه بنا نحن الايزيدين لم يخطر ببالي أبدا انه سيأتي يوم وبطرفة عين بين ليلة وضحاها سينهدم كل هذا فوق رؤوسنا وتتلاشى الأحلام والكوابيس  التي كنت أراها في أحلامي تصبح حقيقة قاسية وظالمة وموجعة حد الموت تلك الحقيقة المرة التي قلبت حياتنا راسا على عقب وبدأت يوم ميلادي الثالث من أب  2014 قبل عيد ميلادي بيوم  استيقظت على صوت أختي وهي تقول أمل انهضي وانا

كنت أصارع كابوسا في حلمي أمل مابك فتحت عيني لأرى أختي هديل جالسة على طرف سريري تقول لي لما تصرخين يا أمل ما بك قلت لاشي مجرد كابوس قالت انهضي أي كابوس هذا يا بنت وغدا يوم ميلادكِ التفت لها وقلت أي ميلاد هذا والدنيا مقلوبة رأسا على عقب داعش قد احتل الموصل وهو على الأطراف ولا نعلم في أي وقت يغزونا قالت لا لن يستطيع فإبطال البيشمركة وشباب شينكال  لن يسمحوا لهم بذلك وثانيا حكومة الاقليم في هدنة معهم ونحن باعتبارنا تابعين لسهل نينوى أي تحت حماية حكومة إقليم كردستان مسكينة أختي هديل لم تعلم إن هناك اتفاقيات وخطط تحاك من خلف الستار لا يعلم بها سوى الله علما أن الكثير من أهالي قرى سنجار نزحوا خوفا من دخول داعش مناطقهم وقراهم  بما فيهم بعض من أبناء قريتنا نهضت من سريري واغتسلت وإنا أفكر بحلم ليلة أمس نفس الكابوس هذه المرة مجموعة من الكلاب لاحقتني واستطاعت النيل مني فعضتني بأنيابها وأخذت قطعة من لحمي بعدها استيقظت مذعورة فرويت حلمي لوالدتي وهي في المطبخ تعد الفطور قلت أمي لقد رأيت نفس الكابوس فأجابتني ضاحكة بُنيتي أمل لما تعتقدين بهذه الأشياء أنها مجرد أحلام لا تخافي الكل يحلم هذا بسبب الأفلام المرعبة التي تشاهدونها أنت وإخوتك ليلا على التلفاز بعدها قالت هيا ساعديني كي نأخذ الإفطار للمائدة إخوتك ووالديكِ ينتظرون والدك لديه دوام اليوم ساعدت والدتي بعدها جلسنا مع العائلة لكي نفطر قالت والدتي وهي تودع والدي لا تنسى يوم غد هو  عيد ميلاد أمل احضر هديتك معك تبسم وقال وكيف لي أن أنسى يوم مولدها خرج والدي ليذهب لبيت المختار حيث يجتمعون أهالي منطقتنا هناك كي يطلعوا عل  أخر المستجدات  بعدها خرج وراءه أخي عيسى  الذي كان يعمل في احد محلات أصدقائه في تصليح الحاسبات فقد ركن شهادته على الرف حاله حال الألف من الخريجين في هذا البلد الذي سلبت منه ابسط حقوقنا وكنا راضيين مطمئنين كانت والدتي دائما تقول أهم شيء الصحة والستر والأمان بعدها كل شيء يهون كان أخي أمير يعمل منذ الصباح حتى المساء باجر زهيد فقط حتى يسد حاجته وان لا يكون عالة على والدي الحمد لله راتب والدي كان يكفينا وزيادة فوالدتي كانت من النوع المدبرة أي لها ميزانية طوال الشهر فوالدي كان يسلم لها الراتب كامل وهي تتصرف به ولم نشعر بنقصان أو تقصير من لديها سواء في المأكل أو الملبس وباقي مستلزمات الحياة الضرورية فهي تجد البركة في هذا الراتب وكانت دائما تقول راتب والدكم مبارك وكان أخي بعد الانتهاء من عمله يذهب مع رفاقه لتلك السواتر التي وضعوها عل  أطراف القرية

حيث كان الشباب متأهبين لأي خطر يمس قريتنا رغم أنهم وليس جميعهم لم يكن يملكون إلا سلاحا من النوع الخفيف كان أخي يواضب معهم حتى ساعة متأخرة من الليل كنا دائما نسمع أصوات الرصاص والمدافع لكن كانت بعيدة كان الجميع على  يقين أنها مسالة وقت وسينتهي كل هذا الكابوس .                                 .

بعدها ذهبت وفتحت الثلاجة فرأيت قالب الكيك المزين بشكولاته والذي صنعته لي والدتي منذ الصباح الباكر هي تصنع المعجنات صباحا نظرا لتوفر الكهرباء الوطني لأنها تستعمل الآلات الكهربائية في عملها الفرن الكهربائي (الاوفن)

غسلت أواني الفطور وقد ساعدتني أختي الصغرى غزل بعد الانتهاء ذهبت لغرفتي وأخذت إحدى الكتب لأراجعها نحن كنا فترة امتحان لكنها ألغيت فدوامي كان في جامعة الموصل والطرق مغلقة  بسبب تنظيم داعش لكن هذا لا يعني اني أهملت دراستي بالعكس كنت ملتزمة والمواضبة عليها كانت والدتي تعد الغداء بعدها غفيت قليلا وان اتصفح الكتاب واذا بالكابوس ذاته ياتيني وفتتحت عيني فزعه ونفسي ضاق في صدري اخذت قدح الماء الدي كان بقربي على الطاولة الموازية للسرير،تناولت الماء،ويداي ترتجفان يا الهي ماهذا الكابوس اللعين الذي اصبحت لا استطيع ان اغمض عيناي خوفا من رؤيته بعدها سمعت صوت والدتي وهي تناديني على الغداء ذهبت للصالة واذا الجميع جالس على المائدة بانتظاري قال لي والدي مابك يابنتي لما وجهك شاحب قلت لاشيء مهم  يا والدي لقد رأيت حلم افزعني فقالت والدتي نفس الكابوس يا أمل فأومأت براسي نعم يا أمي قال والدي اي كابوس قالت أختي هديل أبي ان أمل منذ فترة تراودها أحلام مزعجة في منامها فقال تعالي يا ابنتي امل اجلسي هنا بقربي لا تخافي انها مجرد أحلام كلنا نمر بها أحيانا لا عليك فهي ليست بحقيقة بعدها وضع يده في جيبه واخرج علبة وقال ليس لي صبراً لانتظر الغد وأعطيك هدية عيد ميلادك مد يده وقال تفضلي كل عام وانت بخير ياصغيرتي تناولت العلبة وفتحتها واذا بها قلادة على شكل قلب تفتح وداخلها  صورتي إنا ووالدي أخذناها العام الماضي كم سررت لهذه الهدية حظنت والدي بشدة وقبلته وشكرته بعدها قالت امي هيا دعونا نتناول الغداء لقد برد الطعام . وفي المساء وبعد عشائنا الخفيف نهضت والدتي لتقوم بالتجهيزات لمناسبة يوم غد حيث هيأت المستلزمات الكاملة لتعد كيكة الميلاد المزركشة بالشكولاته والحلويات بينما كنت انظر لأختي وهي تعد الزينة والشموع لقد قامت بدعوة بعض صديقاتها لحفل يوم غد كان والدي يشاهد التلفاز وينصت للاخبار بعدها سال والدتي أين عدنان أجابت والدتي لقد ذهب مع هشام ابن خالتي ثريا

سيمضي الليلة عنده هشام في بيتهم بطرف القرية لديهم مزرعة كبيرة من أشجار  الزيتون وهم اصدقاء منذ الطفولة وزملاء مدرسة لا يفترقان أبدا الذي ينظر لهم يفكر بانهم اخوة بعد ان قلت لوالدي ووالدتي تصبحون على خير اتجهت لغرفتي كي انام وانا مترددة من النوم خوفا من الكوابيس التي تاتيني كلما اغمضت عيناي كانت اختي هديل مستلقية على سريرها وفي يدها الموبايل كانت تتصفح على الفيس نظرت لي وقالت مابك مكتئبه هذه الايام ليست امل التي اعرفها قلت لا اعلم قلبي مقبوض ولست بخير قالت دعي أمي تاخذك للطبيب قلت انا لا اشتكي من وجع معين لكن داخلي شعور غريب شعور مخيف لا اعلم ماهو قالت تفائلي بالخير عزيزتي غدا يوم ميلادك اضحكي قليلا فالدنيا لا ناخذ منها شيئا عيشي أيامك أنت شابة جميلة ومتفوقه في دراستك وطموحة لاتدعي هذه الافكار السخيفة تسيطر عليك التفت اليها وقلت دعيني أنام لقد تاخر الوقت واشعر بنعاس شديد ارجو ان تطفئ الضوء يا هديل فقامت اطفأة انارة الغرفة وعم الهدوء ولماذا شعرت تلك الليلة ان كل الكون صامت ماعدا صوت الموت كان الموت صاحياً مستيقظا .                                                .

وهمت في ليلة طويلة من  الأحلام ربما زارتني فيها كوابيس عديدة لاستيقظت، فجرا  على أصوات القصف التي  كانت متقطعة في البداية ثم مالبثت إيقاعاتها ان تخذ شكلا مستمرا وصوت الرصاص كان قريبا استجمعت قواي المنهارة وطردت النعاس من عيني ونهضت من سريري لأرى ماذا يحدث وهنا تعالت الأصوات خرجت من الغرفة لأرى أمي وأبي وأختي واقفين كالأصنام في الصالة سألتهم ما الذي يحدث أجابني والدي أظن إن داعش اقتحم قريتنا وبدأ  القصف يشتد أكثر وأكثر. قلت هيا نغير ملابسنا ونخرج بسرعة قال والدي اين نذهب وإخوتك لا نعلم ان كانوا بخير أم لا قلت دعينا نذهب لبيت خالتي هو قريب من طريق دهوك أكيد قد هيئوا أنفسهم للرحيل لنذهب معهم قال والدي سوف احضر مفاتيح السيارة وقلت لوالدتي هيا يا أمي لنحضر الهويات والمستمسكات جميعا لأننا سوف نحتاجها بعدها خرجنا من البيت والاضطراب والخوف بان بادئ على الجميع وبعد خروجنا للشارع العام تفاجئنا بسيارات ومركبات غريبة ومتطورة كانت سوداء اللون أوقفتنا ونزل شخص ذو لحية كثيفة وطويلة تكلم مع والدي وقال له صباح الخير أجاب والدي صباح النور سال الرجل والدي من أين جئتم والى أين ذاهبون قال والدي نحن من هذه القرية وذاهبون لبيت أقربائنا في القرية الشمالية قال ارجع لو سمحت ممنوع اي شخص يخرج من القرية توسل لهم والدي قائلا ابننا هناك

 

مريض نذهب لجلبه أجابه الرجل وقد بدى عليه السخط ارجع اقول لك لاتدعني اغضب بعدها استدار والدي ورجعنا للبيت دخلنا المنزل الخوف يملأ النفوس والقلق يجول في الصدور والتوتر والحزن دخلا معنا بعدها انفجرت والدتي من البكاء وهي تقول عيسى وعدنان لانعلم أين هم وهل هم بخير احتضناها إنا وأختي وقلنا لها أكيد يا امي هم بخير لو كان قد حصل لهم سوء لبلغنا الخبر .

كان ابي واقف قرب الباب يترقب اي شخص من جماعته ليساله عن اخي عيسى الذي كان مع رفاقه ليلة امس على السواتر بعدها سمعنا والدي يتكلم مع جيراننا ابو قاسم سأله عن الذي جرى أجاب قائلا .                                                  .                              

 

 مسلحوا داعش دخلوا منذ، فجر اليوم، إلى قضاء سنجار، وسيطروا على مبنيي المجلس البلدي والقائم مقامية ورفعوا راية التنظيم فوقه بعد اشتباكات عنيفة مع قوات البيشمركة وأولادنا المرابطين على السواتر  ولحد ألان اشتباكات مسلحة تدور حاليا بين عناصر داعش وقوات البيشمركة في أطراف القضاء بعدها قال والدي سترك يارب يارب أحفظ أولادنا واحفظنا .                                            .

وكان الكل ينتظر شيئاً ما نتيجة ما حدث من تغيراتٍ في المنطقة وفي الجوار  القريب ولم يكن ابي يجهل ما حدث في تكريت نتيجة مذبحة سبايكر , ولكنه لم يدرك تماماً إن الإعصار الذي أهلك جزء من حقول المجاورة سوف يدمر مدينتنا وقرانا وتهلك كل أنواع الحياة وتقلعها من الجذور .                            .      

دخل ابي والقلق بادىء عليه وجلس على القنفة التي في الصالة وقال ابنتي امل هل تكرمتي واعطيتني كاس من الماء أحس ان حلقي جاف نظرت اليه والدتي وقالت يا ابا عيسي هل اخذت حبة الضغط اجابها وهل انا الان في حال نفسي نهضت والدتي للغرفة وجاءت بعلبة الدواء ومدت يدها لوالدي وقالت له تناول حبة الضغط بسرعة حتى لا يصيبك مكروه نحن في وضع لا يوجد فيه مشفى ولا حتى طرق للنجاة تناول والدي حبة الضغط بعدها سمعنا كرقة الباب ذهبت أختي كي تفتح الباب قال والدي لها انتظري انا من سيفتح لا احد منكن يتقرب للباب نهض والدي وفتح الباب وإذا هو شخص من التنظيم يقول لوالدي كم فرد في العائلة انتم أجابه والدي نحن ستة أشخاص قال هل جميعهم هنا أجاب والدي قال أولادي في القرية المجاورة إما إنا وبناتي ووالدتهم هنا في البيت قال هيا اخرجوا لساحة القرية الأمير يريد ان يخطب بكم خرجنا جميعا متجهين للساحة وإنا اعلم إن والدي لم يعلم على مكان أخي عيسى انه مع رفاقه بل قال انه مع أخي عند بيت خالتي خوفا منهم وصلنا الساحة التي كانت مكتظة بأهالي قريتنا وعدد كبير من تنظيم

داعش  مع أسلحتهم ومركباتهم المتطورة والتي تضاهي تلك التي تمتلكها الجيوش النظامية في العالم مدافع ودبابات وناقلات للجنود وحتى طائرتان من الهليكوبتر كانت تحلقان فوق قريتنا .                                                      .

وفي باحة الساحة كان أحد قادة داعش يعتلي  السقف العلوي لإحدى المركبات، وبدأ بصوت عالٍ يطمئن الناس على حياتهم، ووعدهم أنهم لن يصيبهم اي مكروه فقط ان التزموا بالتعليمات وأنهم في أمان بعدها سمحوا لنا بانصراف لبيوتنا

بعدها قاموا بنصب حواجز بين قريتنا وسنجار فحاصروا  السكان في القرية انتظرنا في القرية مرعوبين حتى الساعة ١١ عشر صباحا  عندها أتانا مسؤول داعشي يدعى سالم وهو من عشائر المنطقة قرب قضاء سنجار. وجاء معه شيوخ من عشيرة الـــــــ ( متيوت ) وقالوا لنا يجب عليكم رفع الرايات البيضاء، وتسليم أسلحتكم لنا ولكم الأمان. كما طلبوا منا الاتصال بأهلنا الذين صعدوا إلى جبل سنجار، لنطلب منهم النزول وقالوا لنا ليس لنا علاقة بكم، نحن أتينا لنسقط دولة ونعلن دولة أخرى .                                               .

بدا ان تنظيم داعش بات يستولي على نقطة التفتيش الخاصة بمشارف سنجار ومايتلوها من نقاط تفتيش وعبور كان عدد سكان قريتنا المتبقين حوالي 1250 شخصاً  كان الرعب يأكلنا وفِي صبيحة اليوم التالي وصل عناصر داعش مرة أخرى  وتكلموا معنا، قائلين أنتم إخوتنا، لا تخافوا ثم عادوا أدراجهم دون أن يؤذوا أحداً وفي يوم  2014/8/6 جاء رجال من  داعش مجدداً ومعهم هذه المرة أميرهم أبو حمزة وشيوخ من عشيرة البومتيوت وقاضي الدواعش الذي يلقبونه بـالقاضي الشرعي  وقالوا لنا بعد أن جمعونا يجب عليكم دخول الإسلام،

 فرفضنا، عندها أكدوا لنا أنه إذا أسلمنا فأموالنا وأبناؤنا حرام عليهم، أما إذا لم نفعل فكل شيء مباح لهم، وأموالنا كما أبناؤنا حلال عليهم .                          .                                   .أهل القرية ورغم التهديد رفضوا عرض الدواعش، فقال لهم شيخ القرية الذي قتل فيما بعد نحن ولدنا في العراق ونعيش فيه منذ آلاف السنين، ونتعامل مع الجميع كل على دينه  بعدها قام اميرهم الملقب ابو حمزة بأعطانا مهلة ثلاثة أيام لاتخاذ القرار ويوم 2014/8/9 ازداد عدد عناصر داعش وحاصروا القرية من كل الجهات عدا طريق واحد يمر بهم .                                                       .

كل النداءات والاستغاثة لم تجري نفعا فقد اتصل شيخ القرية بكل صاحب سلطة مناشداً مستغيثاً، قائلاً نحن محاصرون تحت سيطرة داعش مع أطفالنا ونسائنا، ولكنه لم يلق رداً .                                                        وجاء يوم الكارثة المأساوي عند الساعة التاسعة والنصف من صباح 2014/8/15 ونحن جالسون قرب أحد المنازل في قرية كوجو، نترقب مصيرنا، جاءت شاحنة تحميل (شفل) وعلى متنها أعداد كبيرة جداً من الدواعش، الذين انتشروا عند كل 25 متراً من القرية، بعدها جمعونا في مدرسة القرية، حيث وضعوا النساء والأطفال (وعددهم 850 بين امرأة وطفل) في الطابق الأعلى والرجال وعددهم حوالي 400 في الأسفل وأخبرونا بأنهم سينقلوننا من هنا إلى حدود الموصل، قائلين لا تخافوا احملوا كل الأغراض التي تستطيعون حملها من أموال وذهب ومستمسكات رسمية وأضاف: "أنزلونا في أحد الأماكن وأمرونا بالاستلقاء، كنا نحو 400 رجل وشاب، عندها بدأ عناصر داعش بالتكبير، وراحوا يطلقون الرصاص علينا، أصبت بأربع رصاصات في أنحاء متفرقة من جسمي. وفي هذه الأثناء، جاءت الطائرات، فتشاوروا وقرروا الانتقال على الفور من المكان .                                       .

شعرت امل وقتها انها في كابوس وتنظر اللحظة التي تستيقظ منه لم تكن تعلم مالذي تخبىء لها الايام كان هجوم داعش على سنجار بمثابة كابوس حل على عائلتها، التي لم تنتبه في الليل إلى ما يجري، وعندما نهضوا في الصباح، وجدوا الدنيا كلها قد تغيرت في الليل والشوارع ملئت بأعلام السوداء "كان جميع جيراننا قد هربوا، لم نكن نعرف ماذا ينبغي أن نفعل... كنا نتبادل النظرات مشدوهين ولا أحد يعرف ما هو الحل .                                                         .

وهنا قررت عائلة امل أن لا تستسلم، ولكن كيف  ؟  

ارتأوا أن لا يغادروا البيت عند الظهيرة لانها الفترة التي يقل فيها وجود الأشخاص داعش وغيرهم من المتواطئين معهم وحل فترة الظهيرة خرج أبي لكي يرى المنطقة ويعمل استطلاع سريع فرجع وأشار لنا ان هموا بالخروج وبسرعة خرجت عائلتي مسرعين واتهنا نحوا جهة اليسار من الشارع المجوار لفرعنا  لكن عندما  رأينا مسلحي  داعش منتشرين في كل مكان، توجهنا إلى دار قريبٍ لنا داخل سوق سنجار، كان عندهم قبو فخبؤنا فيه وكانت هناك عوائل عديدة معنا كان القبو تحت البيوت القديمة بناها أجدادنا القدامى في سنجار مثل اليهود الذين بنوا لأنفسهم سجوناً خفية، في أيام الهولوكوست، للنجاة من قبضة النازيين، أخفوا أنفسهم عن العالم .                                                  .

وها نحن في هذا القبو يوم وراء يوم لم اعد اعلم النهار من الليل أسبوعان من الظلام الموجود في القبو لم يكن القبو مزوداً بالطاقة الكهربائية، وحتى إن كان فيه شباك، ماكانوا يملكون الجرأة للنظر من خلاله لكن صاحب الدار كان قد وضع

مونة الطعام ألسنه فيه وأيضا كانت هناك الجولة التي نطهي عليها الطعام وهي تشبه مدفئة النفطية لكنها اصغر .                                                  .

أذكر وقتها سمعنا صوت انفجار قوي ونحن داخل القبو كانوا يفجرون الإحياء السكنية التي كانت ملاذنا الأمن وألان هي عبارة عن بقايا أحجار أمضينا قرابة عشرون يوماً في قبو ذلك البيت، وكان كل يوم هناك جحيماً بحد ذاته، ولما دخل الدواعش البيت واكتشفوا القبو عثروا علينا. أخرجونا جميعاً وفصلوا بيننا فوراً

أول ما طلبه المسلحون الموشحون بالسواد، من العوائل الايزيدية  الذين كانوا في القبو، أن يسلموا اضطررنا إلى النطق بالشهادتين، ثم قال أمير فيهم: جزاء قراركم هذا هو أن ننقلكم إلى تل البنات حيث يسكن العديد من العوائل التي أسلمت. بعث ذلك القرار بعض الراحة في نفوسنا، لكننا كنا نشكك في أنهم صادقون.

نقلوا البعض من العوائل  إلى قرية كوجو ليقيموا بها نحو ثلاثة أشهر، وكان مسلحو داعش يترددون على القرية يومياً ليعود كل منهم بفتاة جميلة إلى مقرهم، كان بعض المسلحين يحمل أدوات تعذيب ليرهبهم بها .                                         .

امل كانت طيلة هذا الوقت بأمان مع والديها وأختيها ولم تقع في شباك أحد طوال فترة بقائها في كوجو، لكن بعد نقلها مع مجموعة أخرى من النساء إلى تلعفر قالت أمل  أخذونا إنا وأخواتي إلى قاعة، وتم عزلنا عن بعضنا وحينها صرخت والدتي صرخة المستغيث  وهي تناجيهم وتتوسل بهم ان يتركونا حتى والدي لاول مرة اراه يبكي كالنساء ما هذا القهر يا ألاهي قلت لامي بصوت عالي أمي لا تحزني سأعتني بشقيقاتي وسوف نلتقي . بعدها قال أميرهم  للمسنات سنعيدكن إلى كرودستان ... أنتن عبء ثقيل علينا، هناك شاهدت أمي وخالتي  للمرة الأخيرة في صف اللواتي تقررت إعادتهن إلى كرودستان واخذوا بقية الشباب والرجال للمجهول .                  .حال الفتيان تحت سن 16 عشر  لم يكن أفضل من الفتيات فقد تم تجنيد ما يقارب من نصفهم في صفوف التنظيم ليتم تدريبهم قصرا  على السلاح وإجبارهم  على القتال تحت عنوان قاتلوا مع التنظيم لتعيشوا .                          . وجدت  أمل  نفسها في مبنى به عدد آخر من النساء ويحرسه عدد من المسلحين، وفيه شخص يبدو أنه يتولى الأمور الإدارية للمبنى. كل الوجوه هناك كانت مليئة بالقلق والتوتر بين الحين والآخر ويأتي أحدهم ويجيد النظر بين النساء ويتمعن في تفاصيل أجسادهن بنية الشراء إنه سوق نخاسة النساء اللواتي يتم بيعهن هناك، كما تقول أمل "يتبعن كالأنعام مَن اشتراهن إلى حيث يريد كانت فتاة سمراء يبدو أنها اختطفت وهي في مطلع مرحلة البلوغ، تجلس إلى جانب أمل  وتروي لهاقصتها، تتحدث لها عن كل رجل ابتاعها وعن مللها من الحياة وآلامها "مازالت صرخات فتاة تتردد في أذني عندما ألقت بنفسها من فوق مبنى وانتحرت بعدما اغتصبها أربعة أشخاص معاً، لا أدري لماذا لم انتحر حتى الآن والتفتت الى امل قائلة  أرى في عينيك مستقبلاً أفضل، ستتحررين وتعودين، لكني واثقة أني سأنتحر وأموت .                                      .

حل المساء في ذلك المكان امل تحتضن  شقيقتاها هديل وغزل والدمعة لاتفاق عينها حسرة على والدتها إما أخاها المفقود الذي اقتيد لمكان مجهول ام أخاها الصغير الذي اجبر على حمل السلاح للقتال مع داعش لا تعلم ما لذي ينظرها بعد من هذا الكابوس اللعين وفي الصباح الباكر جاء ثلاث رجال من داعش ليقتادوا بعض الفتيات باختيار عشوائي فكانت الصدمة الكبيرة لي عندما اخذوا أخواتي الاثنتان هديل وغزل وإنا اصرخ وأقول خذوني معهم او اتركوهم وبقينا نصرخ مع البقية ألا إن احد الدواعش اخرج مسدسا وراح يطلق في الهواء عدة أطلاقات فعم السكون وإذا بي انظر لأخواتي وهم يقتادوهم إلى السيارة سوداء اللون وهن لا حوله ولا قوة مع بقية الفتيات وقتها لم اشعر بشيء فقد أغمى علي من شدة القهر والوجع وقلة النوم والطعام لم أقاوم صحيت مساءا وبجانبي بعض من بنات جلدتي كانوا يهدئون من روعي ولم تكن مصيبتي اقل من مصيبتهم الكل فقد والكل ظلم الكل موجوع وممزق من الداخل بقيت معهم أيام عديدة لا اعلم لقد نسيت الشهر واليوم وكانت كلما أتيحت فرصة لقاء بين السبايا الإزيديات وأينما التقين وكانت لديهن فرصة للتحدث وقد تحدثن عن الهرب وطرق النجاة في واحد من أيام الحر من تلك السنة، تعرفت أمل إلى فتاة اسمها وداد اتفقت أمل  ووداد على أن تسلما يوماً أمرهما للمجهول وتفرا، وفعلاً التقتا ذات مساء في مكان حددتاه مسبقاً وانطلقتا قطعتا عشرات الكيلومترات مشياً على مدى يومين هربنا ولم نلتفت إلى الوراء بدون أن يكون معنا زادا ولا ماء وفي اليوم الثاني ألقى عدد من مسلحي داعش القبض علينا وسلمونا إلى المحكمة الإسلامية التي قررت بيعنا في سوق النخاسة فأخذونا لدير الزور .                                          .                      

تورمت قدما أمل نتيجة السير يومين وسال منهما الدم، لكنها لم تفقد الأمل في الهرب، لأنها كانت متأكدة من أن التحرر من أتون خلافة أبي بكر البغدادي، لا يأتي إلا بالتضحية بدمها ونفسها .                                            .

لقد أخذوني انا ومجموعة فتيات أخريات إلى مقر زعيم داعشي يدعى  أبو علي وهناك وضع مسلح روسي ختم ملكيته علينا .

في بيت المسلح الروسي، أدركت  سريعاً أن بإمكاني الهرب عبر الشباك كانت خطتي أن أهرب ليلاً، لكنه عندما عاد في المساء، شعر بأنني أخطط لشيء فجاء بحدّاد وسد الشباك بصورة لا تسمح حتى لقِطة بالخروج من خلاله .                      .

بعد قضاء شهرين عند ذلك المسلح الروسي، لم يكن بيننا خلالهما غير كلمات قليلة للتفاهم، ثم جاءت فتاة أخرى لأخرج  من حياة الروسي بعد ان باعني بخمسمائة دولار لشخص يدعى صالح  .                                   .

أنتم لن تكونوا مسلمين أبداً كان صالح يقول هذا باستمرار ويطعن في ديني ويشتمه. كان في الغالب يعذبني بكلامه الجارح لماذا لا تهاتفين ملك طاووس فيأتي ليأخذك من هنا وينقذك؟ أليس هو ملكاً ؟                                             ؟

أو كان يسخر منها ويقول ها يا ابنة عبد النار، لماذا لا تقبلين يدي بدلاً عن تقبيل الأحجار.

كان صالح عربياً بدوياً، أمضى أغلب حياته في خيمة، ويبدو مما تقوله وأنه ليس مطلعاً كثيراً على الإسلام، وكان يقول لي عدة مرات رغم أن قسماً من الإزيديين تشهدوا ويؤدون الصلاة، لكن ذلك كان فقط للحفاظ على حياتهم وأنا متأكد من أنكم ستعودون لعبادة الشيطان إن أتيحت لكم الفرصة .                          .

بعد فترة باعني صالح وتخلصت من كابوسه اللعين لقد استعبدني جنسيا واشتراني رجل يدعى  أبو إبراهيم السعودي وأخذني إلى حيث عائلته، التي كانت تتألف من زوجته السعودية وطفليه، وهكذا أصبحت تحت رحمة الزوجة، التي كانت لديها باستمرار حجة لضربها "كسرت يدي ذات مرة بحجة دخولي غرفتهم الخاصة، وكسرت يدي الثانية في مرة أخرى بحجة أني أكلت من طعامها، ولكنهم باعوني بعدفترة قصيرة                                                 .

في ظل فوضى الحرب والقصف اليومي وغياب الأمل، كانت الأيدي تتقاذفني  في ما بينها ككرة يتقاذفها اللاعبون. فوجدت نفسي في ما بعد في بيت أمير يدعى "أبو حمودي"، لكن أبا حمودي قتل بعد فترة قصيرة نتيجة قصف جوي، والذي أثار استغراب  كان إصرار عائلته على الاحتفاظ بي مرت أيام قليلة، وقالت أم الأمير لأمل أوصاني ولدي يوماً وقال إن أنا فارقت الحياة، عليكم أن لا تبيعوا هذه الفتاة، يجب أن لا تغادر هذا البيت حتى لو انقلبت الدنيا مكثت امل مع هذه العائلة  قرابة العامين، تحولت أحوالها إلى الأحسن، فحصلت على حرية الخروج إلى السوق وتوفير احتياجاتها اليومية. سمحوا لها بتناول الطعام معهم وحتى باستخدام فراشهم ومقتنياتهم بدون أن أتعرض لعقوبة لكن كل ذلك لم يشعرني بالسعادة،

فقد كنت أفكر باستمرار في العثور على أفراد عائلتي الذين تم تفريقهم.

خلال تلك الفترة جمعت بعض المال لعله يساعدها، عندما تتسنى لها الفرصة، على شراء نصف طريق الفرار والنجاة. كان مبلغ ستمائة دولار في تلك الظروف مبلغاً جيداً. كنت  في احد الأيام ابحث  عن زوج أحذية لأشتريه من سوق دير الزور. فجأة رأيت أخي ذو الأربعة عشر عاما وقد أصلح فتيا لقد مضت سنتان منذ ان افترقنا كان  يتبع أحد مسلحي داعش. تتبعت الرجل ودموعها تجري لتتوسل إليه لعله يسمح لها بالتحدث إلى أخيها قليلاً كان ذلك المسلح ممن يمكن التحدث معهم، فحصلت منه على عنوانه كاملاً وعدت، ثم بدأت أفكر في طريقة أستعيد بها أخي لم يزر النوم عيني أمل في تلك الليلة، كانت تتلوى في فراشها كحية جريحة وهي تنتظر طلوع شمس النهار ذهبت إلى الرجل وعثرت عليه، وبذلت معه كل جهد لتستعيد أخاها وأخيراً وافق على أن يعيده لي لقاء مبلغ من المال، أخذ مني خمسمائة دولار وأعاد لي أخي بعد ذلك أخبرها أخوها بأنه كان يتلقى تدريباً صعباً في مركز تدريب بدير الزور .                                    .

بقيت مع أخي في تلك الدار عدة أسابيع. خلال تلك الفترة استمربت في البحث والتحري لعلي، من خلال المهربين أو الذين يسهلون الخروج لم أجد طريقاً للعودة. حصلت أولاً على هاتف محمول واتصلت بكوردستان "أخبرني أحد أقاربي بأنهم سيعثرون على شخص خبير وموضع ثقة. بعد أيام تلقت الخبر السار، تم ترتيب كل شيء، ولم يبق إلا أن تجد أمل وأخوها فرصة للوصول إلى مكان محدد "وصلنا إلى حيث يوجد المهربون بأية حال، ومن خلالهم وصلنا إلى كوردستان..والتقيت بوالدتي التي بدأت لي أنها كبرت 30 عاما بعد ان انهكها المرض والحزن علينا

ومن خلال سؤالي عن بقية عائلتي  علمت ان أختي الصغيرة غزل قد توفيت بسبب اغتصابها كل يوم من قبل مقاتلوا داعش خلال اختطافها بعد ان مكثت ستة اشهر كأسيرة ..وان أبي وأخي بعداد المفقودين  وانهم على الأغلب قد نفذ بهم حكم الإعدام من قبل داعش واختي هديل علمت انها في المانيا فقد اخذتها منظمة دولية فقد كانت منهارة جدا بسبب التعذيب والجسدي والنفسي الذي كانت تلقاه من قبل الداعش بعد ان عثر عليها بعض الأشخاص وهي شبه ميته فسلموها للصليب الأحمر . مكثت انا ووالدتي واخي الصغير في مخيمات بيرسفي في محافظة دهوك لقد تغير ملامحنا  تغير،كل شيء فينا لم نعد كما كنا ستبقى مشاعر الخوف والرعب ترافقني لأخر يوم من عمري لم اعد كما كنت لم يتبقى لي من والدي غير القلادة التي أهداها لي في عيد ميلادي والتي صاحبتني طوال السنتان والنصف من الاضطهاد والوجع والألم وهي شاهدي الوحيد على كل ما حدث لي من اغتصاب وتعذيب وتنكيل هي شاهد على تلك الكوابيس والحقيقة الوحيدة ألان انه لم اعد احلم بتلك الكوابيس التي كانت تاتينا قبل الاحتلال أظن لأني أخذت كفايتي من الكوابيس الحقيقية التي مررت بها طيلة السنتان والنصف .