منى كامل بطرس / كندا

قصة من الواقع ..حصلت عام 2009 في احدى الدول العربية واثناء ترحالي

هي تلك الكاميرا المتجولة بين البلدان ومدنها . رحّالة تبحث عن غرائب الدنيا وعجائبها متنقّلة بين افراح الناس واحزانهم , تصوّر  تكتب و تُحلل,,
هنا واثناء سفرها وتنقلاتها من بلدٍ لاّخر كانت محطة عبور ( ترانزيت ) احدى الدول المجاورة . وفي إحدى الصباحات الباردة تلفّعَت بمعطفها و كاميرتها وحقيبتها رفيقتان لها في مشوار داخل اسواق المدينة ,, والتجوال بين ازقَّتها الأثرية الجميلة , تلتقط الصور  وتكتب ,, قطرات البَرَد تداعب  حرفها !
توقفت قرب احدى المقاهي المنتشرة على جانبي الطريق , اخذت تتلفت يميناً ويساراً متأملةً تلك البنايات القديمة والتي تحكي تأريخ زمنٍ موغل في القِدم ,, واثناء سيرها تعثرت قدمها بحجرٍ كبير اسود كان عالقاً في زاويةٍ عفنة رطبة !!
توقفت هنيهة واخذت تُمعن النظر في هذا الحالك !
هالها ما رأت ! صدمة ارعبتها جعلتها تتسمر في مكانها ,,, يااّلهي !! ما هذا !؟ّّ
اشباح صغيرة يتحلّقون حول امرأةٍ تكاد تتجمد من شدة البرد تحتضن اجساداً شبه عارية والدموع متجمدة في العيون الصغيرة ! تحاول بحضنها لهم منحهم القليل من الدفء !!
هالها ما رأت من بوسٍ وشقاء ! اقتربت اكثر من تلك الأكوام المتجمدة وازاحت تلك العباءة السوداء المبلّلة والتي تغطي اجسادهم ..اخذتها موجة من الحنق والحقد على من يسكن تلك القصور ,,!
فاضت دموعها وواصلت سيرها  اقتربت من إحدى البوابات الجانبية , طرقت الباب وإذا به مطعما فاخرا .. طلبت من النادل مساعدتها على ادخالهم وتقديم شيئا من الطعام لهم ,,
غادرت المكان متجهة لأقربَ خانة لبيع الملابس  حَمَلت ما قُدّرَ لها حمله وقفلت عائدة اليهم والبستهم ما يقيهم لسعات البرد القاسية ,,
واصلت طريقها واياهم الى اقرب مشفى لمعالجة بعض الجروح والكدمات,, وعند البوابة اعترض طريقهامسوْول قائلاً !؟
من هوْلاء ؟ ولِمَ اتيتِ بهم الى هنا !؟!
هوْلاء مكانهم الأرصفة !!!
حاولت بشدة كي تُدخلهم لكنه اعترضها وبعنف !!!
لم تتمالك نفسها من الغضب ولم تشعر إلا وكفّها يهبط وبشدة على وجهه البشع والصخرة التي تسكن جنبه ! خرجت وهي تلعن وتتمتم مع نفسها ,, اين هوْلاء من الأنسانية ؟ اين ذاكَ الذي تهتف له القلوب وتلهج بأسمه الألسن ! اين هو من هوْلاء المساكين المفترشين ارصفة ,, النسيان !؟!!!
غادرت بعيونٍ دامعة ,, ماذا بمقدورها ان تفعل اكثر وهي ( عابرة سبيل ) !!!؟