علي الجنابي

وقد تعلمُ -يا عيدُ- أنَّ خيرَ مايتمناه المرءُ من أيامِ عُمُرٍ قصيرٍ أو مديدْ....
صحبةَ صفاءٍ وفاءٍ ويُريد، خلَّةَ بهاءٍ ومن هناءٍ تَزيد، وعن سُبُلِ الحَقٍّ لا تحيدْ...
فما أبن آدمَ إلّا (إنسانٌ) بلسانٍ، وفؤادُهُ ودودٌ أو رشيدٌ، أو رُبَما لدودٌ أو بليدْ...
وارانيَ ياعيدُ ما إنفككتُ أستأنسُ بسَمَرٍ مع أناسيّ مثلي وابغي منهُ مزيدْ..
لكنِ الأرواحَ ياعيدُ (جنودٌ مجندةٌ، ما تعارف منها إئتلف) بصدقٍ وإخلاصٍ بتسهيدْ...
 (وما تناكر منها اختلف)، ولا تنفعُ معيَ مداهناتٍ، ولا تدفعُ بسماتِ كذبٍ ولا تٌفيدْ..
ذاكَ أنَّ تناكرَها بحُبِّ الذات غائرٌ بتنضيدْ، وبِعبِّ الدراهمِ حائرٌ، فضاعَ منها وصلُها الحَميدْ.
أنفسٌ تُصَيِّرُ من دفءِ التآلفِ حَبّاتٍ من جليد، ومن ألقِ المعارفِ جراحاتٍ بصديدْ..
مابالُها -ياعيدُ- لمالٍ تفاهةٍ راجفٍ عابدةٌ، ولحالِ وجاهةٍ زائفٍ تلهثُ وتُريد...  
 أوَلا يعلمُ الإنسانُ -ياعيد-ألّا دليلاً هاديَاً لصُحبةٍ من أولي صَدرٍ نزيهٍ ورشيدْ..
 إلا نقاء السريرةِ مع بني جنسهِ، وذاك هو السبيلُ الوحيدُ، والطريقُ السديد...
فمن أقبحُ مِمَّن ظنَّ أنَّهُ صَيَّرَ بني جنسهِ بغلةً يتقافزُ بها بخِداعٍ، لا يخدعُ حتّى الوليدْ..
أوَيحسبُ الأنسانُ أنّ تنططَ مراوغتَِهِ، وأنَّ تخبّطَ حساباتِهِ فيما يخططُ ويما يَكيدْ...
أنَّها نباهةٌ ووجاهةُ؟ كلّا، بل تفاهةٌ وسفاهةٌ، ولن يحظى بعيشٍ محترمٍ أو سعيدْ..
ألا ليتَ المخادعَ يُمسي بلا (زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)! علّهُ عن لهاثهِ يَحيدْ..
فما أقبحهُ من رجلٍ سمعُهُ من بطنهِ، ودمعُهُ من فرجهِ، وينهقُ: أمِن مزيدْ...
أوَلا يعلمَ أنَّ (حسْبَ ابنِ آدمَ أُكلاتٌ يُقمْنَ صلبَه)،وجليسُ صدقٍ طيّبٍ وعميدْ...
أوَ أضحى لينُ الكلامِ وطيبُهُ شِراكاً، ورمحاُ يُرمى به على صدورِ الخلقِ بتسديدْ..
عجبي! كيفَ لنفسٍ أن تتعوّدَ (دبلوماسيةَ) حرفٍ كاذبٍ، فتجعلُهُ ذخراً لها ورصيدْ..
فما أزكى البراءة، إذ هي تُلازمُ الروحَ طفلاً، وتستمرُّ حتّى تستعمرُ الوجهَ التجاعيدْ...
أفَباتتِ البراءة  مَعَرَّة! أم تراها مَذَمَّةً ومَضرَّةً؟ أم مازالت تغرِّدُ بيننا بطيبِ نشيدْ..
لا أدري يا عيدُ، فما عادَت فراستي تُنجيني من هَولِ خلطةِ أنفُسٍ بتعقيدْ..
أوَ عليَّ أن أعتزلَ لكيلا أُكَشِّرَ بأنيابِ قهقهةِ كَذِبٍ لجليسي يحسبُها المسكينُ تأييدْ...
أم عليَّ أن أسلكَ حديثاً (دبلوماسياً) عنوانه؛ ( حَشِّدْ لمصالحِكَ يا أنتَ كلَّ تحشيدْ)...
ما ذا ترى أنتّ ياعيدُ؟ لا تَوجَلْ يا عيد، وإنّكَ عندي يا عيدُ؛ :عيدٌ نقيٌّ وسعيدْ"...
فأنا لن أشْتَهَيَ نفخةَ جاهٍ زائفٍ، ولن ألتَهيَ بمداعبةِ فاهٍ راجف بطرفةٍ أو زغاريدْ..
وحسبي من جليسي؛ "جمالُ السلامِ، وكمالُ الكلامِ"، بلا تبييتٍ وبلا تلبيدْ...
فلا رغبةَ عندي، ولا زَغبَةَ مَعِيٍّ تتوقُ لهضمِ ماينفثُ جليسي من تبييتٍ ومن تبليدْ...
ولن أقيمَ وزناً لجثمانٍ أبلدٍ يتمايلُ، ووجهٍ أمردٍ يتحايلُ بنعومةٍ وبزيفٍ من (تغريدْ)..
إنَّكَ عندي -واللهِ- جميلُ أيا عيدُ، بلِ إنّكَ الأكملُ من الحولِ للحولِ بتمجيدْ...
وسلامٌ على إخوَّةِ قلبٍ سليمٍ، وفكرٍ قويمٍ، وبُعداً لجَمْهَرَةٍ في مصائدِ الصفيرِ وموائِدِ الثريدْ...
 سلامٌ عليكم أخوتي في كلِّ عيد، أعاده الله علينا جميعاً بظِلٍّ نديٍّ صفِيٍّ سعيدْ...
وبعفوٍ منهُ وغفرانٍ، وبرضوانٍ منهُ أكبر، وسبحانهُ؛ وهو أهلٌ للمغفرةِ وأهلُ للتوحيدْ..
وكل عامٍ وأنتم بحبورٍ وسرورٍ، وبرحماتٍ وبركاتٍ من الرحمنِ الوليِّ وعلى كلِّ شيءٍ شهيد
.