سيد عبد العال سيد/ مصر

قبل أن تضع رأسها على الوسادة ، تسرى إلى أذنيها أصوات الوحوش المختلفة في بيداء الليل الموحش، تنتابها حالة من الوجل المصاحب لفراشها، تنظر إلى صبييها صابر وخليل وهما نائمان على السرير يغطان في النعاس، تتجول في فضائها المظلل بالرماد بأن تجمع الأقارب من الأماكن البعيدة لتغرس شجرة الوحدة حتى تستظل بالسكينة.. انطلقتْ مدوية في سماء القرية طلقة رصاص شتتْ العصافير النائمة على أغصان الزيتون، نهضتْ مفزوعة تهرول إلى النافذة التي تطل على بحر الأموات.. فوجئتْ بالجند وهم يبنون الحواجز أمام المنزل، تتوه في خيوط الرجفة.. وثبَ خليل من شرفة المطبخ صارخاً في شارع النائمين فزاعة الغراب في بيتنا.. الأبواب مغلقة والعتمة ممددة على الأعتاب، وهن صوته من الصياح.. لكن استيقظ من هنا وهناك أطفال الفجر وهم يمسكون الحجارة التي يرشقونها في وجه الغرباء، معلنا أحد الجنود  في مكبر الصوت هنا مركز القيادة، تملكها الوهن الممتد حتى أصبحتْ بينهم ممزقة الثياب ..نطقتْ:" أنا حرة".. البشر من حولها ينظرون إليها في صمت، أقبل إليها من بعيد صوت: يا شمعة الأحرار.. تدفق في عروقها النافرة نبض الثبات، باصقة في وجه كبيرهم فهيجتْ مشاعر بعض الحاضرين فرشقوهم بالحجارة.. محدقة في وجه شيخ قبيلة الناموسة وهو يهمس في أذن قائد الحرس مبتسماً وهما يرتشفان القهوة بجانب الدبابة ...