فائزة محمد علي الفدعم
لاتنسوا الماضي الجميل وذكرياته العطرة فهو منبع لأحداث مرت بنا في ازمنة مُختلفة . كنا نتعاطف مع الافراح والعلاقات الانسانية الجيدة ونتذكر مامرَّ بنا من مشاكل ومواقف لاتطيب لها النفوس ونعمل على نسيانها ونتلهف الى المُستقبل الجميل اما المصائب كالتي حصلت لعائلتنا وبيوتات اخرى كثيرة فمن المُؤكد ننساها لتستمر الحياة . ومنها ذكرياتنا عند تعديل مسار نهر خريسان واستيلاء البلدية على املاكنا المُطلة عليه والتي تسببت في تهجيرنا وعوائل عديدة من بيوتهم وخصوصا المُؤجرين المساكين من اصحاب الدخل المحدود وما كان علينا الا الصبر . تحملنا حتى تجاوزنا الازمة التي اصبحت من الماضي وبقيت تلك الاحداث خلفنا .
اشترى والدي بيتا من السيد رفعت عباس الچيال في محلة التكية مُجاور مُديرية البريد وكان ذلك الزقاق فيه اناس طيبون من اهالي بعقوبة القدماء وقد استقبلونا بمنتهى الفرح والسرور واقاموا لنا الولائم لاننا كنا نعرف بعضنا البعض ولم نشعر بالغربة .
في بداية الزقاق كان دار السيد حسين الحلاق وبجواره مدير دائرة التربية الاساسية التي كان مقرها في قرية الحديد واسمه قاسم ابو محمد ثم السيد ابو فوزي صاحب دكان في منطقة ( العنافصه ) وبجواره بيت السيد مهدي زينل وهادي السعدي ابو ابراهيم والجهة المقابلة كان يسكن بنات السيد حسن الزيدي وبجوارهم السيد سيمون ابو فهمي والسيد رحمن ابو ليث المستأجر للمقهى العائد لنا والذي تمت ازالته مع ممتلكاتنا والسيد سبع العبيدي وبيت السيد عذاب ابو علي التتنجي وبيت ابو صالح مهدي ثم دار السيد ابو سامي الذي كان مدير الشرطة انذاك وبجواره السيد ادهم حياوي . كل الذين ذكرتهم استقبلونا باكرام وحسن الضيافة وكانت المنطقة هادئة وعدد الاطفال فيها قليل جدا والجميع تعودوا على اغلاق الابواب مبكرا ولم تكن تفتح الا في وقت متأخر من الصباح لكن والدي بعد عودته من اداء صلاة الفجر يوميا يضع قطعة طابوق خلفها حتى تبقى مفتوحة امام الضيوف وتلك كانت عادتنا عندما كنا نسكن البيت القديم وتبقى هكذا حتى الليل .
في الصباح كنت اسمع تغريد البلابل واصوات الطيور . واشاهد اغصان الاشجار التي تتساقط على الارض . استمر هذا الامر عدة ايام وكان يبدو غريبا بالنسبة لي لاني لم اره من قبل فبدأت اراقب الشجرة حتى سمعت هديل الحمام ورايت العش الذي يسكنان فيه وهما يتحادثان بشكل هادىء ثم نظرت الى باب بيتنا المفتوح وهنا تذكرت حادثة جرت في الستينات حين سمعت ضوضاء وصراخ في الشارع دخل على اثرها شاب وهو يلهث ويطلب النجدة واغلق الباب خلفه فور دخوله ووجهه احمر كلون الدم وقال : ( اختي دخيلج ) لم افهم ما هو معنى كلمة ( دخيلك ) في حينها ولا ماكان يجري في الخارج . استنجدت بالعائلة فخرج والدي الى الحديقة بعد سماعه الصياح والطرقات القوية على الباب التي ازعجت الجيران من شدتها وكان خلفها عدة رجال يهددون ويتوعدون هذا الدخيل بالقتل . كانت الدموع تسيل على وجه الشاب فتوسل بأبي ان يحميه وهو مُرتبك والجماعة في الخارج يقولون : افتح الباب حجي . لم يفتح لهم والدي وتحدث مع الولد بغضب وأنبهُ لدخوله دون استئذان وقال له :
هل انت مجنون كيف تتهجم على بيتنا ؟
رد عليه الشاب : لم اجد بابا مفتوحا سواه فدخلتها . فقال له والدي : كان يجب ان تستأذن منا . فقال له كانوا سيقتلونني في اية لحظة لاني كنت احدث ابنتهم لأعطيها رسالة فشاهدني ابوها واخوها وطاردوني فهربت وهم خلفي يحملون السكاكين وهنا اشار اليَّ والدي بالسكوت . ادخلناه من الباب الداخلي وهرب من على من جدار المدرسة التي كانت تبنى خلف بيتنا حديثا (الازدهار ) وكان غير مكتمل ومنها هرب الى الشارع العام .
عاد والدي بعدها الى باب الدار الامامية وعنف الرجل واشار اليه بالسكوت كي لايفضح نفسه وقبَّل راسهُ وقال له طيش شباب . سكت والد الفتاة وعادوا ادراجهم . مرّت الايام ولكن هذه الذكرى لاتفارق مُخيلتي ولم اعرف مصيره ولكني كنت اتمنى له الخير وشاءت الاقدار ان اتزوج . وكنت اسكن في بيت اخر مع زوجي واطفالي وعائلتي وبعد ان انتقل الوالد الى جوار ربه اضطررت الى العودة الى بيتنا القديم الذي اهداه اليَّ لاعيش فيه ماتبقى من العمر لكن باب البيت بقي مُغلقا خوفا مما تخبئه لنا الدنيا .
وفي احد الايام رنَّ جرس الباب فتقدمت لافتحها واذا بي ارى امامي سيارة فارهة نزل منها رجل وقور تقدم نحوي بابتسامة واحترام وسلام حار ومعه بعض الهدايا ونظر الي مُستغربا لاني لم اعرفهُ فقد كان يتصور اني مازلت اذكره وقال :
هل عرفتيني يا اختي ؟
وبحركة من رأسي اجبته بالنفي وقلت لا . قال : الا تتذكريني وانت مُنقذتي ؟ عجبت للامر لاني لم اعرف اسمه ولا متى التقينا . تجرأ وقال انا فلان . عدت لبرهة ابحث في صفحات حياتي فلم اعثر عليه في حوادث الماضي .
لكنه بدأ ٔيشرح الحادثة بالتفصيل وكنت قد اذنت له بالدخول وبدأ يحدثني عن قصته وذكرياته فقال وقد اغرورقت عيناه بالدموع وهو يسرد قصة لقاءه بفتاة احلامه عند ذهابه الى بغداد في وفد من انصار السلام الذين كانوا ينشدون (سنمضي سنمضي الى مانريد وطن حر وشعب سعيد) وشاءت الصدف ان التفت اليها بعيون كلها امل بالمستقبل لارى فتاة جميلة تشع نورا في وجهي والتقت عينيّ بعينيها الساحرتين اكثر من مرة واستمر اللقاء العذري مع كلمات بسيطة اسطرها كرسائل مودة واشتياق وانا على امل الحصول على جواب واستمر الحال هكذا حتى تجرأت وكتبت لها رسالة اتفقنا ان اسلمها اياها عند باب بيتها وكنت خجولا مرتعشا ولكني اصبو لرؤيتها صباحا وكان هذا الامر امتحانا صعبا لأخلاصنا ووفائنا ولكنها جائت مسرعة فزعة وعندما فتحت الباب كانت تبكي وتصرخ اذهب اذهب ثم رايت خلفها والدها واخاها يحملون السكاكين فهربت مسرعا ولم اجد بابا مفتوحة الا باب بيتكم ( بيت السلام ) كما اسميه لحد الان وكنت افكر في زيارتكم كل هذه السنين لاروي لكم ما جرى لنا وبعدها بقيت العلاقة بيننا متواصلة لكن لمجرد لمحات بسيطة عندما نلتقي في الشارع والرسائل القصيرة التي قد لا تزيد عن اربعة حروف . بقي القسم بيننا خالدا على ان نتزوج بعد تخرجنا وانهيت كلية الطب بتفوق من اجل بلوغ هدفنا وعينت في مدينة الناصرية بناءا على طلبي لانهم كانوا قد انتقلوا اليها . لكن والدها رفض خطبتنا عندما استقبلنا في دارهم وذهبنا ثانية وثالثة ولكن استمر رفضه القاسي القاطع وكان يُردد ( اللي سويتة مو قليل ) وبعدها اقسم والدي على ان اتزوج ابنة عمي وهي دكتورة ايضا وقد عشنا قريبين من بعضنا وكأننا اخوة والامر ينطبق عليها ايضا فقد استمرت الخطوبة لمدة سنة ولكنني حاولت مرة اخرى لاني احتفظ بوعدي للفتاة وذهبت اليهم بعد ان وضعت الحلقة في جيبي وعرضت مهرا كان في ذلك الوقت خياليا لكنهم رفضوا ايضا ومرت الاحداث وعلاقتي بها متقطعة ولكن ثقتها بي كانت تزيدني اصرارا على طلب يدها رغم النوائب وبعد ان توفى والدي تحررت من قيد الخطوبة وتم ذلك بكل ود واحترام ٠
لم تفتر همتي واتفقت وحبيتي على الزواج بالرغم من عدم رضا اهلها كما اتفقنا على خطة عقد القران فجاءتني صباح اليوم التالي الى المُستشفى ولم تذهب الى عملها وفي حقيبتها كل المُستمسكات المطلوبة وسافرنا الى بغداد متجهين الى بيت عمتي لتساعدنا وكانت المفاجأة هوالرفض القاطع ومنعتنا من الدخول لان ذلك الامر مُنافي للشرع فاخذنا الشهود واوراقنا الى المحكمة وتزوجنا وتحررنا من كل العقبات وعادت البسمة الى وجوهنا . وبعدها اخذت جماعة من اعيان بغداد والناصرية وذهبت الى اهلها وشرحت لهم كيف اتعبوني ورفضوني عدة مرات واني الان مُتزوج منها على سنة الله ورسوله وهذه اوراقي ومع ذلك جئت اليكم طالبا الصلح والمُوافقة حتى نعيش بأمان وسلام وقبَّلت رأس والدها وافراد عائلتها وتم الصلح وعمت الفرحة .
وهنا اود ان اقول : ان السنين اخذتنا بحلوها ومُرها ولكني اتذكركم واتذكر موقفكم الانساني بمساعدتي عندما دخلت داركم وطوال هذه السنوات لم انساكم حتى سنحت لي الفرصة لازوركم واخبركم باننا نعيش بخير ووئام ولدينا ابن وابنة وهُما يدرسان الان في كلية الطب . ثم ابتسم وقال سيبقى داركم دار السلام .
كنت سعيدة وعدت الى انغام صوت الحمامة التي ترقد في عشها ورفعت راسي وقلت لها :
( حتى انت اعجبك السلام في دارنا ؟ )
لاتنسوا الماضي الجميل وذكرياته العطرة فهو منبع لأحداث مرت بنا في ازمنة مُختلفة . كنا نتعاطف مع الافراح والعلاقات الانسانية الجيدة ونتذكر مامرَّ بنا من مشاكل ومواقف لاتطيب لها النفوس ونعمل على نسيانها ونتلهف الى المُستقبل الجميل اما المصائب كالتي حصلت لعائلتنا وبيوتات اخرى كثيرة فمن المُؤكد ننساها لتستمر الحياة . ومنها ذكرياتنا عند تعديل مسار نهر خريسان واستيلاء البلدية على املاكنا المُطلة عليه والتي تسببت في تهجيرنا وعوائل عديدة من بيوتهم وخصوصا المُؤجرين المساكين من اصحاب الدخل المحدود وما كان علينا الا الصبر . تحملنا حتى تجاوزنا الازمة التي اصبحت من الماضي وبقيت تلك الاحداث خلفنا .
اشترى والدي بيتا من السيد رفعت عباس الچيال في محلة التكية مُجاور مُديرية البريد وكان ذلك الزقاق فيه اناس طيبون من اهالي بعقوبة القدماء وقد استقبلونا بمنتهى الفرح والسرور واقاموا لنا الولائم لاننا كنا نعرف بعضنا البعض ولم نشعر بالغربة .
في بداية الزقاق كان دار السيد حسين الحلاق وبجواره مدير دائرة التربية الاساسية التي كان مقرها في قرية الحديد واسمه قاسم ابو محمد ثم السيد ابو فوزي صاحب دكان في منطقة ( العنافصه ) وبجواره بيت السيد مهدي زينل وهادي السعدي ابو ابراهيم والجهة المقابلة كان يسكن بنات السيد حسن الزيدي وبجوارهم السيد سيمون ابو فهمي والسيد رحمن ابو ليث المستأجر للمقهى العائد لنا والذي تمت ازالته مع ممتلكاتنا والسيد سبع العبيدي وبيت السيد عذاب ابو علي التتنجي وبيت ابو صالح مهدي ثم دار السيد ابو سامي الذي كان مدير الشرطة انذاك وبجواره السيد ادهم حياوي . كل الذين ذكرتهم استقبلونا باكرام وحسن الضيافة وكانت المنطقة هادئة وعدد الاطفال فيها قليل جدا والجميع تعودوا على اغلاق الابواب مبكرا ولم تكن تفتح الا في وقت متأخر من الصباح لكن والدي بعد عودته من اداء صلاة الفجر يوميا يضع قطعة طابوق خلفها حتى تبقى مفتوحة امام الضيوف وتلك كانت عادتنا عندما كنا نسكن البيت القديم وتبقى هكذا حتى الليل .
في الصباح كنت اسمع تغريد البلابل واصوات الطيور . واشاهد اغصان الاشجار التي تتساقط على الارض . استمر هذا الامر عدة ايام وكان يبدو غريبا بالنسبة لي لاني لم اره من قبل فبدأت اراقب الشجرة حتى سمعت هديل الحمام ورايت العش الذي يسكنان فيه وهما يتحادثان بشكل هادىء ثم نظرت الى باب بيتنا المفتوح وهنا تذكرت حادثة جرت في الستينات حين سمعت ضوضاء وصراخ في الشارع دخل على اثرها شاب وهو يلهث ويطلب النجدة واغلق الباب خلفه فور دخوله ووجهه احمر كلون الدم وقال : ( اختي دخيلج ) لم افهم ما هو معنى كلمة ( دخيلك ) في حينها ولا ماكان يجري في الخارج . استنجدت بالعائلة فخرج والدي الى الحديقة بعد سماعه الصياح والطرقات القوية على الباب التي ازعجت الجيران من شدتها وكان خلفها عدة رجال يهددون ويتوعدون هذا الدخيل بالقتل . كانت الدموع تسيل على وجه الشاب فتوسل بأبي ان يحميه وهو مُرتبك والجماعة في الخارج يقولون : افتح الباب حجي . لم يفتح لهم والدي وتحدث مع الولد بغضب وأنبهُ لدخوله دون استئذان وقال له :
هل انت مجنون كيف تتهجم على بيتنا ؟
رد عليه الشاب : لم اجد بابا مفتوحا سواه فدخلتها . فقال له والدي : كان يجب ان تستأذن منا . فقال له كانوا سيقتلونني في اية لحظة لاني كنت احدث ابنتهم لأعطيها رسالة فشاهدني ابوها واخوها وطاردوني فهربت وهم خلفي يحملون السكاكين وهنا اشار اليَّ والدي بالسكوت . ادخلناه من الباب الداخلي وهرب من على من جدار المدرسة التي كانت تبنى خلف بيتنا حديثا (الازدهار ) وكان غير مكتمل ومنها هرب الى الشارع العام .
عاد والدي بعدها الى باب الدار الامامية وعنف الرجل واشار اليه بالسكوت كي لايفضح نفسه وقبَّل راسهُ وقال له طيش شباب . سكت والد الفتاة وعادوا ادراجهم . مرّت الايام ولكن هذه الذكرى لاتفارق مُخيلتي ولم اعرف مصيره ولكني كنت اتمنى له الخير وشاءت الاقدار ان اتزوج . وكنت اسكن في بيت اخر مع زوجي واطفالي وعائلتي وبعد ان انتقل الوالد الى جوار ربه اضطررت الى العودة الى بيتنا القديم الذي اهداه اليَّ لاعيش فيه ماتبقى من العمر لكن باب البيت بقي مُغلقا خوفا مما تخبئه لنا الدنيا .
وفي احد الايام رنَّ جرس الباب فتقدمت لافتحها واذا بي ارى امامي سيارة فارهة نزل منها رجل وقور تقدم نحوي بابتسامة واحترام وسلام حار ومعه بعض الهدايا ونظر الي مُستغربا لاني لم اعرفهُ فقد كان يتصور اني مازلت اذكره وقال :
هل عرفتيني يا اختي ؟
وبحركة من رأسي اجبته بالنفي وقلت لا . قال : الا تتذكريني وانت مُنقذتي ؟ عجبت للامر لاني لم اعرف اسمه ولا متى التقينا . تجرأ وقال انا فلان . عدت لبرهة ابحث في صفحات حياتي فلم اعثر عليه في حوادث الماضي .
لكنه بدأ ٔيشرح الحادثة بالتفصيل وكنت قد اذنت له بالدخول وبدأ يحدثني عن قصته وذكرياته فقال وقد اغرورقت عيناه بالدموع وهو يسرد قصة لقاءه بفتاة احلامه عند ذهابه الى بغداد في وفد من انصار السلام الذين كانوا ينشدون (سنمضي سنمضي الى مانريد وطن حر وشعب سعيد) وشاءت الصدف ان التفت اليها بعيون كلها امل بالمستقبل لارى فتاة جميلة تشع نورا في وجهي والتقت عينيّ بعينيها الساحرتين اكثر من مرة واستمر اللقاء العذري مع كلمات بسيطة اسطرها كرسائل مودة واشتياق وانا على امل الحصول على جواب واستمر الحال هكذا حتى تجرأت وكتبت لها رسالة اتفقنا ان اسلمها اياها عند باب بيتها وكنت خجولا مرتعشا ولكني اصبو لرؤيتها صباحا وكان هذا الامر امتحانا صعبا لأخلاصنا ووفائنا ولكنها جائت مسرعة فزعة وعندما فتحت الباب كانت تبكي وتصرخ اذهب اذهب ثم رايت خلفها والدها واخاها يحملون السكاكين فهربت مسرعا ولم اجد بابا مفتوحة الا باب بيتكم ( بيت السلام ) كما اسميه لحد الان وكنت افكر في زيارتكم كل هذه السنين لاروي لكم ما جرى لنا وبعدها بقيت العلاقة بيننا متواصلة لكن لمجرد لمحات بسيطة عندما نلتقي في الشارع والرسائل القصيرة التي قد لا تزيد عن اربعة حروف . بقي القسم بيننا خالدا على ان نتزوج بعد تخرجنا وانهيت كلية الطب بتفوق من اجل بلوغ هدفنا وعينت في مدينة الناصرية بناءا على طلبي لانهم كانوا قد انتقلوا اليها . لكن والدها رفض خطبتنا عندما استقبلنا في دارهم وذهبنا ثانية وثالثة ولكن استمر رفضه القاسي القاطع وكان يُردد ( اللي سويتة مو قليل ) وبعدها اقسم والدي على ان اتزوج ابنة عمي وهي دكتورة ايضا وقد عشنا قريبين من بعضنا وكأننا اخوة والامر ينطبق عليها ايضا فقد استمرت الخطوبة لمدة سنة ولكنني حاولت مرة اخرى لاني احتفظ بوعدي للفتاة وذهبت اليهم بعد ان وضعت الحلقة في جيبي وعرضت مهرا كان في ذلك الوقت خياليا لكنهم رفضوا ايضا ومرت الاحداث وعلاقتي بها متقطعة ولكن ثقتها بي كانت تزيدني اصرارا على طلب يدها رغم النوائب وبعد ان توفى والدي تحررت من قيد الخطوبة وتم ذلك بكل ود واحترام ٠
لم تفتر همتي واتفقت وحبيتي على الزواج بالرغم من عدم رضا اهلها كما اتفقنا على خطة عقد القران فجاءتني صباح اليوم التالي الى المُستشفى ولم تذهب الى عملها وفي حقيبتها كل المُستمسكات المطلوبة وسافرنا الى بغداد متجهين الى بيت عمتي لتساعدنا وكانت المفاجأة هوالرفض القاطع ومنعتنا من الدخول لان ذلك الامر مُنافي للشرع فاخذنا الشهود واوراقنا الى المحكمة وتزوجنا وتحررنا من كل العقبات وعادت البسمة الى وجوهنا . وبعدها اخذت جماعة من اعيان بغداد والناصرية وذهبت الى اهلها وشرحت لهم كيف اتعبوني ورفضوني عدة مرات واني الان مُتزوج منها على سنة الله ورسوله وهذه اوراقي ومع ذلك جئت اليكم طالبا الصلح والمُوافقة حتى نعيش بأمان وسلام وقبَّلت رأس والدها وافراد عائلتها وتم الصلح وعمت الفرحة .
وهنا اود ان اقول : ان السنين اخذتنا بحلوها ومُرها ولكني اتذكركم واتذكر موقفكم الانساني بمساعدتي عندما دخلت داركم وطوال هذه السنوات لم انساكم حتى سنحت لي الفرصة لازوركم واخبركم باننا نعيش بخير ووئام ولدينا ابن وابنة وهُما يدرسان الان في كلية الطب . ثم ابتسم وقال سيبقى داركم دار السلام .
كنت سعيدة وعدت الى انغام صوت الحمامة التي ترقد في عشها ورفعت راسي وقلت لها :
( حتى انت اعجبك السلام في دارنا ؟ )
0 تعليقات
إرسال تعليق