علي السوداني
وقعت هذه الملهاة العمّونية الممتعة والمحزنة أيضاً عند أوشال التسعينيات البائدة التعيسة ، إذ قامت واحدة من شركات إنتاج المشروبات الغازية وأظنها شركة البيبسي كولا ، بفعل ذكي جعل الناس تتهافت على شراء منتجها حتى بأيام الشتاء وساعات الشحة والإفلاس !!
قام هذا المعمل الكوني العملاق بإعلان جائزة تفرح الكبار والصغار معاً ، وعلى الذي يروم الفوز بها أن يجمع عدداً من أغطية زجاجات المشروب شرط أن يحتوي هذا العدد الصعب على كامل جسم دراجة هوائية فخمة ورائعة كما يظهرها التلفزيون وصدور الجرائد وورق الدعاية الذي يرمى بباب البيت . ستحصل أنت بالتأكيد على غطاء مكتوب عليه مقعد وغطاء مكتوب عليه مقود وثالث مرسوم عليه عجلة أمامية ورابع به مقعد خلفي وخامس يظهر لك الدراجة ناقصة الدواسة ، وهكذا ستظل أنت والعائلة والضيوف تكرعون زجاجات البيبسي كولا اللعينة ، لكن دراجتك المنتظرة لا تكتمل بسبب سوء الحظ ، وسيواصل التلفاز بث فرحة الفائز المحظوظ برأس كل اسبوع !!
وبما أنني قد فشلت منذ سنوات كثيرة في العثور على عمل يجعلني والعائلة نعيش حياة طبيعية ممكنة تخلو من قلق تدبر إيجار آخر الشهر ، لذا فكرت في الإستفادة من تقليد وتطوير تلك الفكرة المذهلة ، واستبدال الجائزة من دراجة هوائية رائعة إلى خروف بديع حي يرزق !!
سأفتح دكان قصابة لبيع اللحم المستورد الرخيص ، وسيكون بمقدور المشتري الطيب أن يدس يده بعلبة مظلمة تحتوي على مفردة واحدة من جسم الخروف الغبي ، فمثلاً حصل أحدهم على كلمة رأس ، فعليه شراء المزيد من اللحم ليكمل السلسلة التي ستؤدي إلى تمام الخروف وهي المقادم والكراعين والقرون واللية والصوف مع إضافة شرط صعب من أجل حلب الجيوب والأحلام ، وهو عبارة عن مفردة بعرور الذي هو روث الخراف وعلامتها الدالة القوية !!
هنا عليَّ تحذير وتنبيه من يريد الإستثمار في هذا الباب العظيم ، بأن حقوق الفكرة يعود بعض خراجه إليَّ ، وليس شرطاً على الراغب المستثمر أن يدفع حصتي البسيطة بالدولار ، وقد أكتفي فقط بجلود وأصواف مليون خروف وخروفة ، وبهذا الحصاد المنعش أكون قد دققت طابوقة الأساس لمعمل قنادر معمرة وقماصل هائلة ، أبيع وأتاجر بنصفها وأوزع النصف الآخر على الفقراء كنوع من زكاة جارية طيبة من دون منة أو تصوير ، تجعل الخروف الكريم يمنح رقبته للساطور بامتنان عظيم .
0 تعليقات
إرسال تعليق