نهاد الحديثي
تذكرت مقولة الكاتب مانويل فاسكيز مونتلبان (1939-2003 )في مقدمة كتابة الصادر عام 1972 السياسة والرياضة, إن "اليسار ينتقد الرياضة بسبب أنها تميل إلى صالح اليمين، وذلك من خالل تحويلها إلى أداة للضغط القوي."وقد تخلت الكثير من القوى اليسارية عن توجيه االنتقادات للرياضة في العقود الاخيرة وذلك بتشجيع من العديد من الشخصيات مثل مونتلبان، و وإدواردو غاليانو مؤلف كتاب كرة القدم بين الشمس والظل عام 1995
من الأمور المثيرة للاهتمام أن تتحدث قوى وتيارات مختلفة على تسييس الرياضة، أو بالأحرى وهي تدرك الطابع السياسي للرياضة.،،وقد أدرك هتلر وموسوليني قيمة الرياضة في تعزيز الكرامة الوطنية وخاصة تجاه السلطات الحاكمة
وقد عزز موسوليني موقفه من خلال الهيبة التي اكتسبها بعد حصول بلادة على كأس العالم مرتين في عامي 1934 و 1938، بينما أصبحت ألمانيا بطل الأولمبياد عام 1936 كرمز للتقدير ولقوة النظام الحاكم وقوة عقيدته, حينذاك، نجحت فرنسا في منع الاعتراف الدولي بالفريق عن طريق «الاتحاد الدولي لكرة القدم» (فيفا)، ومع ذلك استمر الفريق في محاولاته، وخاض 80 مباراة في آسيا وأفريقيا وأوروبا الشرقية، أمام فرق عالمية وإقليمية. وكان هذا الفريق نواة «الاتحاد الجزائري لكرة القدم» الذي تشكل العام 1963 بعد استقلال البلاد في 5 تموز (يوليو) 1962.
وفي 1971، حاولت الصين استغلال الرياضة في تحسين علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة منذ 1949، بسبب انتهاج الأولى الخط الشيوعي، مستغلةً وجود منتخبي بكين وواشنطن في اليابان للمشاركة في بطولة العالم لكرة الطاولة. فأرسلت دعوة رسمية إلى عقد مباراة ودية بين منتخبي البلدين المتقاطعتين. وخلال العام ذاته، أصبح أعضاء المنتخب الأميركي لكرة الطاولة أول أميركيين يزورون الصين منذ 22 عاماً، لتمهّد تلك الزيارة الرياضية الطريق أمام زيارة سياسية رسمية قام بها الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون في 1972 ,ولا ينسى أحد عندما جُرّد الملاكم العالمي محمد علي كلاي من لقب البطولة في الملاكمة والأوزان الثقيلة، بسبب موقفه السياسي من الحرب الأميركية على فيتنام، ورفضه أداء الخدمة العسكرية مع الجيش الأميركي هناك. حينذاك، جُرّد من ألقابه، وسُحبت رخصة مزاولته الملاكمة
ما يحدث الآن في الساحة السياسية من تداخل هجين بين الرياضة والسياسة سواء من خلال استغلال سياسيين لنفوذهم من أجل السيطرة على أندية رياضية كبرى ونيل دعم جماهيرها أو من خلال استغلال رياضيين وخصوصا من نجوم كرة القدم لشهرتهم وعشق الجماهير الرياضية لهم من أجل دخول معترك الحياة السياسية والفوز بمقاعد انتخابية أو من خلال استغلال أحزاب سياسية كبرى لأهم الأسماء الرياضية في البلاد. القاسم المشترك بين كل هذه الممارسات هو غياب الرغبة الجدية في خدمة البلاد والرّكض وراء المناصب من أجل الإستحواذ على السلطة,,, على الجانب السياسي فإن قطر تعرضت منذ أن وقع الاختيار عليها لتكون عاصمة لمونديال 2022، وهي لا تملك ملعبا واحدا مؤهلا لاستقبال مباراة عالمية، لحملات مضادة مريبة لعبت السياسة دورا كبيرا في الترويج لها. وما ينبغي الاعتراف به هنا هو أن قطر نجحت في الإفلات من كل المصائد التي نُصبت لها. لقد أنفقت أموالا بطريقة لم تفعلها قبلها كل الدول التي استضافت مسابقات كأس العالم السابقة. ليست المقارنة صائبة. فـ”قطر” ليست البرازيل ولا روسيا. لذلك يمكن اعتبار ما فعلته معجزة بمواصفات ما بعد حداثوية. وفي ظل تلك المعجزة قاتلت قطر كي تبعد عنها الشبهات التي تتعلق بحقوق الإنسان قبل أن يعلو صوت المثليين المطالبين بحقهم في الظهور العلني في الدوحة,, وبالتأكيد ان قطر لم تقم المونديال لكي ترى فريقها حاملا كأس العالم، بل لتثبت أن عالم الكبار ممكن اختراقه!!هكذ قال االقطريون عن فريقهم , مونديال قطر مناسبة لتكرار محاولات النأي باللقاءات الجماعية العالمية ثقافية أو رياضية أو علمية عن السياسة وأهدافها الخفية التي لا يُعول عليها على مستوى بناء لغة مشتركة بين سكان هذا الكوكب. غير أن السياسة تأبى أن يتم نسيانها أو ركنها جانبا ولا تحترم أي نزعة للاستقلال عنها وإهمالها كما لو أنها جزء من كل وليست الكل الذي يفرض هيبته على الأجزاء, ويرى سياسيون إن كل نشاط إنساني لا بد أن يكون نوعا من السياسة,, وإذا ما كانت قطر قد هيأت جمهورا لمونديالها وحسب الادعاءات الصحفية الغربية فقد كان حضور رونالدو يكفي. النجم البرتغالي كان يجلس بين الجمهور. فعل ذلك ليس من أجل أن يرى مباريات كروية حسب، بل وأيضا من أجل أن يشهد حدثا غير مسبوق. لقد بنت قطر صروحا رياضية ليس لها مثيل في العالم. ولأنها تعرف أن تلك الصروح لن تستعمل في المستقبل فقد طلبت من الشركات التي بنتها أن تفكر في مستقبلها. لم تكن السياسة حينها حاضرة ولا الدين. هناك بلد أنفق أكثر من مئتي مليار دولار لكي يكون حاضرا على الخارطة العالمية بالرغم من صغر حجمه وقلة عدد سكانه
لقد كشفت الكرة أن هناك عالما عربيا لا يزال موحدا بالرغم من كل مظاهر الانشقاق والخلاف وحتى العداء التي أوصدت الأبواب أمام زمن يسوده تفاهم بين الأطراف السياسية العربية. فحين جلب السعوديون والمغاربة دموع الفرح إلى ملايين العيون العربية كانت هناك حاجة إلى تأمل فشل السياسة في إقصاء الحاجة العربية إلى الأمل المشترك. ذلك إنجاز عظيم يُحسب للمونديال الذي لم يقفز على السياسة وحسب، بل وأيضا روضها. ولا يتعلق الأمر بهدنة مؤقتة، بل هو درس ربما استفادت منه الدول وتعلم السياسيون منه شيئا ,, غلّب العرب بكل اطيافهم ودياناتهم الروح الرياضية على مشاعرهم الحساسة وهم يرون قرقهم تغادر التصفيات. كان مشهدهم وهم يرفعون االاعلام العربية المشاركة بالمونديال فرحا بانتصارفرقهم العربية مبهجا. لم يفعلوا ذلك استعراضا أو من أجل المداراة على هزيمة فريقهم. كان انتصارهم في إقامة المونديال بنجاح أكبر من أي خسارة كانت متوقعة
وهنا نقول ----إلى بعض الدخلاء الجُدد على كرة القدم والذين يربطون السياسة بالرياضة ويتكلمون بلغة الطائفية ، نقول لكم ، سنشجع قطر ، وسنكُتب أبيات الشعر عن السعودية ، وسنتغزل بالمغرب ، وسنهتف بإسم تونس والمغرب , لأن كرة القدم دائماً كان شعارها نبذ الطائفية وجمع العرب تحت خيمة الأخوة ، نستغل كل محفل رياضي لنعبر عن عروبتنا ومدى ترابطنا, ، وأرتدينا ثوب العروبة ، ولا خير فينا ان لم نحتفل بفوز منتخب عربي على أجنبي ،
ولن نسمح أبداً لأبواق الطائفية أن تفرقنا ، تركنا القلوب السوداء لكم سنبقى هكذا دائماً بعيدين عن السياسة ولغة الطائفية ، وستبقى رابطتنا كما عرفتموها رابطة الكل دون تمييز بين أحد .. أتمنى وصلت الرسالة
تذكرت مقولة الكاتب مانويل فاسكيز مونتلبان (1939-2003 )في مقدمة كتابة الصادر عام 1972 السياسة والرياضة, إن "اليسار ينتقد الرياضة بسبب أنها تميل إلى صالح اليمين، وذلك من خالل تحويلها إلى أداة للضغط القوي."وقد تخلت الكثير من القوى اليسارية عن توجيه االنتقادات للرياضة في العقود الاخيرة وذلك بتشجيع من العديد من الشخصيات مثل مونتلبان، و وإدواردو غاليانو مؤلف كتاب كرة القدم بين الشمس والظل عام 1995
من الأمور المثيرة للاهتمام أن تتحدث قوى وتيارات مختلفة على تسييس الرياضة، أو بالأحرى وهي تدرك الطابع السياسي للرياضة.،،وقد أدرك هتلر وموسوليني قيمة الرياضة في تعزيز الكرامة الوطنية وخاصة تجاه السلطات الحاكمة
وقد عزز موسوليني موقفه من خلال الهيبة التي اكتسبها بعد حصول بلادة على كأس العالم مرتين في عامي 1934 و 1938، بينما أصبحت ألمانيا بطل الأولمبياد عام 1936 كرمز للتقدير ولقوة النظام الحاكم وقوة عقيدته, حينذاك، نجحت فرنسا في منع الاعتراف الدولي بالفريق عن طريق «الاتحاد الدولي لكرة القدم» (فيفا)، ومع ذلك استمر الفريق في محاولاته، وخاض 80 مباراة في آسيا وأفريقيا وأوروبا الشرقية، أمام فرق عالمية وإقليمية. وكان هذا الفريق نواة «الاتحاد الجزائري لكرة القدم» الذي تشكل العام 1963 بعد استقلال البلاد في 5 تموز (يوليو) 1962.
وفي 1971، حاولت الصين استغلال الرياضة في تحسين علاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة منذ 1949، بسبب انتهاج الأولى الخط الشيوعي، مستغلةً وجود منتخبي بكين وواشنطن في اليابان للمشاركة في بطولة العالم لكرة الطاولة. فأرسلت دعوة رسمية إلى عقد مباراة ودية بين منتخبي البلدين المتقاطعتين. وخلال العام ذاته، أصبح أعضاء المنتخب الأميركي لكرة الطاولة أول أميركيين يزورون الصين منذ 22 عاماً، لتمهّد تلك الزيارة الرياضية الطريق أمام زيارة سياسية رسمية قام بها الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون في 1972 ,ولا ينسى أحد عندما جُرّد الملاكم العالمي محمد علي كلاي من لقب البطولة في الملاكمة والأوزان الثقيلة، بسبب موقفه السياسي من الحرب الأميركية على فيتنام، ورفضه أداء الخدمة العسكرية مع الجيش الأميركي هناك. حينذاك، جُرّد من ألقابه، وسُحبت رخصة مزاولته الملاكمة
ما يحدث الآن في الساحة السياسية من تداخل هجين بين الرياضة والسياسة سواء من خلال استغلال سياسيين لنفوذهم من أجل السيطرة على أندية رياضية كبرى ونيل دعم جماهيرها أو من خلال استغلال رياضيين وخصوصا من نجوم كرة القدم لشهرتهم وعشق الجماهير الرياضية لهم من أجل دخول معترك الحياة السياسية والفوز بمقاعد انتخابية أو من خلال استغلال أحزاب سياسية كبرى لأهم الأسماء الرياضية في البلاد. القاسم المشترك بين كل هذه الممارسات هو غياب الرغبة الجدية في خدمة البلاد والرّكض وراء المناصب من أجل الإستحواذ على السلطة,,, على الجانب السياسي فإن قطر تعرضت منذ أن وقع الاختيار عليها لتكون عاصمة لمونديال 2022، وهي لا تملك ملعبا واحدا مؤهلا لاستقبال مباراة عالمية، لحملات مضادة مريبة لعبت السياسة دورا كبيرا في الترويج لها. وما ينبغي الاعتراف به هنا هو أن قطر نجحت في الإفلات من كل المصائد التي نُصبت لها. لقد أنفقت أموالا بطريقة لم تفعلها قبلها كل الدول التي استضافت مسابقات كأس العالم السابقة. ليست المقارنة صائبة. فـ”قطر” ليست البرازيل ولا روسيا. لذلك يمكن اعتبار ما فعلته معجزة بمواصفات ما بعد حداثوية. وفي ظل تلك المعجزة قاتلت قطر كي تبعد عنها الشبهات التي تتعلق بحقوق الإنسان قبل أن يعلو صوت المثليين المطالبين بحقهم في الظهور العلني في الدوحة,, وبالتأكيد ان قطر لم تقم المونديال لكي ترى فريقها حاملا كأس العالم، بل لتثبت أن عالم الكبار ممكن اختراقه!!هكذ قال االقطريون عن فريقهم , مونديال قطر مناسبة لتكرار محاولات النأي باللقاءات الجماعية العالمية ثقافية أو رياضية أو علمية عن السياسة وأهدافها الخفية التي لا يُعول عليها على مستوى بناء لغة مشتركة بين سكان هذا الكوكب. غير أن السياسة تأبى أن يتم نسيانها أو ركنها جانبا ولا تحترم أي نزعة للاستقلال عنها وإهمالها كما لو أنها جزء من كل وليست الكل الذي يفرض هيبته على الأجزاء, ويرى سياسيون إن كل نشاط إنساني لا بد أن يكون نوعا من السياسة,, وإذا ما كانت قطر قد هيأت جمهورا لمونديالها وحسب الادعاءات الصحفية الغربية فقد كان حضور رونالدو يكفي. النجم البرتغالي كان يجلس بين الجمهور. فعل ذلك ليس من أجل أن يرى مباريات كروية حسب، بل وأيضا من أجل أن يشهد حدثا غير مسبوق. لقد بنت قطر صروحا رياضية ليس لها مثيل في العالم. ولأنها تعرف أن تلك الصروح لن تستعمل في المستقبل فقد طلبت من الشركات التي بنتها أن تفكر في مستقبلها. لم تكن السياسة حينها حاضرة ولا الدين. هناك بلد أنفق أكثر من مئتي مليار دولار لكي يكون حاضرا على الخارطة العالمية بالرغم من صغر حجمه وقلة عدد سكانه
لقد كشفت الكرة أن هناك عالما عربيا لا يزال موحدا بالرغم من كل مظاهر الانشقاق والخلاف وحتى العداء التي أوصدت الأبواب أمام زمن يسوده تفاهم بين الأطراف السياسية العربية. فحين جلب السعوديون والمغاربة دموع الفرح إلى ملايين العيون العربية كانت هناك حاجة إلى تأمل فشل السياسة في إقصاء الحاجة العربية إلى الأمل المشترك. ذلك إنجاز عظيم يُحسب للمونديال الذي لم يقفز على السياسة وحسب، بل وأيضا روضها. ولا يتعلق الأمر بهدنة مؤقتة، بل هو درس ربما استفادت منه الدول وتعلم السياسيون منه شيئا ,, غلّب العرب بكل اطيافهم ودياناتهم الروح الرياضية على مشاعرهم الحساسة وهم يرون قرقهم تغادر التصفيات. كان مشهدهم وهم يرفعون االاعلام العربية المشاركة بالمونديال فرحا بانتصارفرقهم العربية مبهجا. لم يفعلوا ذلك استعراضا أو من أجل المداراة على هزيمة فريقهم. كان انتصارهم في إقامة المونديال بنجاح أكبر من أي خسارة كانت متوقعة
وهنا نقول ----إلى بعض الدخلاء الجُدد على كرة القدم والذين يربطون السياسة بالرياضة ويتكلمون بلغة الطائفية ، نقول لكم ، سنشجع قطر ، وسنكُتب أبيات الشعر عن السعودية ، وسنتغزل بالمغرب ، وسنهتف بإسم تونس والمغرب , لأن كرة القدم دائماً كان شعارها نبذ الطائفية وجمع العرب تحت خيمة الأخوة ، نستغل كل محفل رياضي لنعبر عن عروبتنا ومدى ترابطنا, ، وأرتدينا ثوب العروبة ، ولا خير فينا ان لم نحتفل بفوز منتخب عربي على أجنبي ،
ولن نسمح أبداً لأبواق الطائفية أن تفرقنا ، تركنا القلوب السوداء لكم سنبقى هكذا دائماً بعيدين عن السياسة ولغة الطائفية ، وستبقى رابطتنا كما عرفتموها رابطة الكل دون تمييز بين أحد .. أتمنى وصلت الرسالة
0 تعليقات
إرسال تعليق