أ.د.عبدالحسين العنبكي

بالحقيقة لم اكن بصدد الرد على البنك المركزي ولكن كي اوضح الصورة امام القارئ غير المختص اما المختص فهو يعلم ما قصدته في مقالي عن التمويل التضخمي،
صحيح اني لم اعمل في البنك المركزي ولكن انا استاذ الاقتصاد الكلي والنظرية النقدية لسنوات الا اذا كان البنك المركزي يعمل وفق سياقات غير علمية لا تنسجم مع ما درسناه ،فضلا عن اني على مدى ١٥ سنة الاخيرة أقوم بتقييم ووضع الرأي على كل تقارير البنك المركزي التي تأتي الى رئاسة الوزراء بحكم عملي الاستشاري، كما ان مقالي لا يهتم بالأمور الإجرائية والإدارية او كيفية تنظيم العمومية  (الموجودات والمطلوبات ) والقيود المحاسبية للبنك المركزي ، وإنما أتكلم عن السياسات النقدية والتركيز على الأثر  للإصدار النقدي على الاقتصاد الكلي في وضع  الركود وهو هدف الورقة ، وعليه او ان اوضح الامور الآتية :


اولا: ليس مسؤوليتي اذا كان الاخ حسين الخبير في البنك المركزي لا يفرق بين إصدار نقد جديد وإصدار نقدي جديد ،فنحن معاشر الاقتصاديين واضحة لدينا الصورة كما ذكرتها في مقالي.

ثانيا:  من المؤكد ان الإصدار النقدي الجديد والقديم ،بل ان اَي دينار  موجود خارج البنك المركزي هو في جانب المطلوبات وحق لحامله على من اصدره ،ولا ادري لماذا يورد هذه البديهية ، اما انه يصدر النقود  مقابل ودائع لدى البنك المركزي فهذه الآلية الطبيعية للتحكم في عرض النقد وليست هي المقصودة في مقالنا ، لان المقصود في المقال هو إصدار نقدي (يفوق ) متطلبات عرض النقد الاعتيادية ، ولذلك تكون مربوطة بمتطلبات السياسة النقدية للتأثير في الاقتصاد الكلي جراء حصول أزمة كساد فيعمد البنك المركزي الى جعل التدفق النقدي اكبر من التدفق السلعي اَي اكبر من حجم المعاملات فيخلق بذلك تمويل تضخمي كي يساهم بسياسته النقدية مع السياسة المالية في تخليص الاقتصاد من الركود اَي خلق ضغوط تضخمية من خلال زيادة عرض النقد

ثالثا: اذا كان الإصدار النقدي الجديد سوف يخلق ضغوط تضخمية لإخراج الاقتصاد من الركود فكيف يقول ان هذا الإجراء لا يعد اداة من أدوات السياسة النقدية اليست أدوات السياسة النقدية تستعمل لأغراض اعادة الاستقرار الاقتصادي جراء اختلاله في الازمات.

رابعا: اذا اقرض البنك المركزي الحكومة اَي اشترى سنداتها فو دفع دينار للحكومة بقيمة القرض وهذا يعني ان الدينار الميت في المركزي سوف يحيى ويعني ان عرض النقد ازداد وهذا يعني ان المغطى توسع حتما وليس تقلص الغطاء ولكن الأثر للاجرائين على الاقتصاد هو ذاته.

خامسا:من المؤسف ان يقول رجل اقتصادي ان البنك المركزي خصم سندات الحكومة لصالح المصارف الحكومية التي هي بدورها خصمتها لصالح المقاولين في الأزمة السابقة ٢٠١٤ وفق قانونه وأنا لا اهتم بقانونه انا أتكلم عن النتيجة والأثر ، ولا ادري ما الفرق فيما ذكرته انا لان النتيجة على عرض النقد هي ذاتها فالنقود لدى الجمهور ولدى المصارف هي جزء من عرض النقد بمعناه الواسع وطالما خصم السندات للمصارف او خصمها مباشرة للمقاولين فالأمر  سيان سوف يؤدي بالنتيجة الى اثار تمويل تضخمي حتما .

سادسا: حزم الإنقاذ التي قامت بها الدول انا ايضا ذكرت انها من خلال الموازنات العامة لتلك الدول، ولكن كيف مول العجز حتما من خلال توافق سياسة مالية توسعية مع سياسة نقدية توسعية حيث سعت البنوك المركزية لاصدار نقدي فامريكا الان تطبع ٣ ترليون دولار  ، ولا افهم لماذا يرد في نفس النقطة بمفردات اخرى.
سابعا : اود الإشارة الى كتابي الأخير عن سعر الصرف المغالى فيه ..قمع للمنتج المحلي ودعم للمستورد ،والمعتمد كليا على بيانات البنك المركزي حيث تظهر تلك البيانات ان الفرق بين قيمة استيرادات القطاع الخاص التي يدعي البنك المركزي ان نافذة بيع العملة وجدت من اجلها وبين ما باعه من دولار في تلك النافذة للفترة من ٢٠١٠-٢٠١٧ اَي في ٨ سنوات بحدود ٢٠٢ مليار دولار ، وهي أموال بالنقد الأجنبي نزفت دون مقابل استيرادي سلعي.

ثامنا:كما اود الإشارة الى ان رفع قيمة الدينار بشكل وهمي أوجد فرق كبير بين قيمته الحقيقية وقيمته المدعومة ويعد هذا الفرق اضافة صافية تدعم السلع المستوردة بشكل يفوق كل هوامش الحماية الكمركية لحماية المنتج المحلي في العراق ، الامر الذي جعل البنك المركزي بسياسته النقدية هذه يدمر القاعدة الإنتاجية لصالح الاستيرادات خلف ملايين العاطلين عن العمل ولازال الاستاذ حسين يعترض على نعت البنك المركزي باعتماد سياسة نقدية متشددة.