اللواء ركن المتقاعد نوري غافل الدليمي

 

(كُلما قَلَّ عدد مَنْ يحملون الرُتَب الُعليا كُلما زادتْ مهابتها وقيمتها )

بسبب كُثرة الحديث هذه الأيام عن رتبة فريق أول و فريق وعددها الكبير في الجيش العراقي بعد عام ٢٠٠٣، بحيث وَصَلَ الحد الى منح رتبة فريق أول ركن وفريق الى مناصب كانت ملاكاتها ( لواء ) بشكل كيفي ،

ولأن الجدول الأخير أثار اللغط ( ما يهمني فقط رتبة فريق أول / فريق ) وليس الأمور الخاصة بالمددة الأصغرية للرُتب أو عدم الترقية بسبب الأزمة المالية (؟؟؟) والتي تناولها غيرنا من اصحاب الشأن في المؤسسة العسكرية ،

فقد تواصلتُ مع ( القاموس العسكري بل وقاموس تاريخ القوات المسلحة العراقية القائد والمُعلم والمُربي والمُترجم والخبير العسكري اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس رئيس جامعة البكر سابقاً وهو إبن رئيس الأركان الأسبق الفريق الركن المرحوم حسين مكي خماس ) ، وزودني بالكثير من المعلومات الدقيقة والتاريخية عن الرُتب في الجيش الفرنسي ( حيث هو خريج كلية الحرب الفرنسية ) والجيش البريطاني ( حيث هو خريج ساندهيرست )، وكانت المُحصلة التي توصلنا اليها ( أنّ عدد رتبة فريق هي قليلة جداً وفقط للمناصب الأولى في الجيش ). الرتب العسكرية للضباط في جميع الجيوش مرتبطة بالمنصب ، لذا نرى أنّ تسمية هذه الرتب متلائمة مع المنصب، ولاسيما بالنسبة للمناصب القيادية. وهناك علاقة واضحة جداً بين المنصب القيادي والرتبة.

 

الرتب القيادية في الجيش الامريكي


آمر اللواء برتبة عميد / لواء ركن ( بريگدير جنرال ) نجمة واحدة على الكتف .

قائد الفرقة لواء ركن ( ميجور جنرال ) نجمتان على الكتف.

قائد الفيلق فريق ركن ( لفتننت جنرال ) ثلاث نجمات على الكتف.

قائد الجيش او رئيس هيئة الأركان المشتركة ( جنرال) اربعة نجوم على الكتف.

القائد الأعلى رئيس امريكا خمسة نجوم تعادل ( مشير / مهيب )،

 

الجيش العراقي


نحن تبنينا الأسلوب البريطاني في التنظيم والرتب من البداية وحتى نهاية العهد الملكي ولم تكن لدينا أية مشكلة، فكانت الرتب متماشية مع المناصب. حيث يكون لكل منصب بموجب الملاك رتبة واضحة منها ملاك قائد الفرقة هو لواء، وملاك معاونو ر أ ج هو لواء ايضاَ، وبالنسبة لرتبة الفريق فكان ملاكها هو لمنصب رئيس اركان الجيش، لذا كان رئيس أركان الجيش وحده هو من يحمل ( رتبة فريق ) عندما تساعد مدة خدمته العسكرية لحملها، فمثلا نرى ان المرحوم (صالح صائب الجبوري) عندما تعين بمنصب ر أ ج كان برتبة لواء، وبقى كذلك الى أنْ مُنح قدماً ممتازاً فاصبح برتبة فريق . وكل ممن هم دون ر أ ج كالمعاونون وقادة الفرق ومنهم قائد القوة الجوية برتبة لواء.

في حرب فلسطين الأولى عام 1948-49، تم منح ر أ ج العراقي المرحوم الفريق الركن صالح صائب الجبوري قدماً ممتازاً ( مرة ثانية) يستحقه، وترفع إلى رتبة ( عميد وتعادل الآن فريق أول). بعد إحالته إلى التقاعد عام 1952 تعين مكانه اللواء نورالدين محمود، وعندما حل موعد ترفيعه تم ترقيته إلى فريق (وكان الفريق الوحيد في الجيش أيضا) . وتم ترقيته فيما بعد إلى رتبة عميد – عندما كان بمنصب رئيس الوزراء – لذا لم يعترف بها الجيش باعتبار انه عندما قبل منصب رئيس الوزراء فَقَدَ صفته العسكرية بموجب القانون ولا يجوز ترفيعه) . المهم بقيت الرتبة متعلقة بالمنصب ويوجد (فريق واحد بالجيش).

بعد الثورة / الثورات التي حدثت في العراق، بدأ هذا الترتيب يختل تدريجياً، ولو أن عبد الكريم قاسم ترفع إلى رتبة فريق قبل شهر واحد من ثورة 8 شباط 1963 باستحقاقه.

بعد عبد الكريم قاسم بدأت الرتب تتوالى ولاسيما رتبة (المشير) التي بدأ يحملها رئيس الجمهورية والذي هو عسكري، فكان المشير عبد السلام عارف أول المشيرين. ومن هنا فان وزراء الدفاع (وكلهم عسكريون بدأت تمنح لهم رتبة الفريق) وكذلك رؤساء أركان الجيش. نتذكر حردان وحماد وعبد الرحمن عارف وطاهر يحي، ولكن مع ذلك بقيت رتبة الفريق قليلة ومحدودة. بعدها في السبعينيات صدر تعديل على رتب المناصب العليا فتم شمول مناصب معاونو ر أ ج رتبة فريق. بعدها عندما أنشأت الفيالق في منتصف السبعينات كان ملاكها فريق. ولو أنّ بعض القادة أمثال المرحوم وليد سيرت والمرحوم عدنان عبد الجليل والمرحوم أبو الشهيد اشغلوها وهم برتبة لواء، لكنهم لو استمروا بالمنصب لأصبحوا فرقاء ( لان ملاك المنصب هو فريق) كما بالنسبة .

خلال الحرب مع ايران وتوسع الجيش أصبحت مناصب الفريق هي :

معاونو ر أ ج ، قادة الفيالق والقوة الجوية والبحرية ومن ثم قيادة طيران الجيش والمفتش العام ورئيس جامعة البكر . وفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات كان ملاك الجيش من الفرقاء هو ( 11 فريق ) فقط.


ملاحظة:


كان عندنا تقليد هو الترقية بالراتب فقط يعني الضابط الذي أكمل كل شروط الترقية كلها ولا يوجد له ملاك تتم ترقيته الى الرتبة الأعلى بالراتب فقط فيُكتب فريق بالراتب يعني يُحال على التقاعد برتبته ( لواء) لكن يأخذ راتب فريق.

الرتبة مرتبطة بالمنصب وهي بعلاماتها دلالة على السلطة التي يتمتع بها حاملها . والرتبة اساساً هي علامات لدرجات قيادية وليست مجرد أسماء او القاب تعطى لكل من هبَّ و دبَّ ، أو أنها لأغراض الزينة والتميز .

( كُلما قَلَّ عدد مَنْ يحملون الرُتب الُعليا كُلما زادتْ مهابتها وقيمتها )