خالد محفوظ
يغرق العراق في مستنقع الفشل السياسي الذريع المغلف بأبعاد سلبت منه قدراته الاقتصادية والعسكرية ووضعته في طريق الانهيار التام كدولة بعد أن كبلته بحبال الفرقة والتحزب والتدين الوهمي التي أنتجت واحدة من أسوء وجوه السياسة التائهين في عالم الفساد واللصوصية والعمالة العلنية والمنافع الشخصية.
ووسط أجواء إقليمية زاخرة بكل صور التجاذبات والفوضى والترقب والحذر وفي أطار حالة الشحن والتوتر الداخلي والتي توجت مؤخرا بالمزيد من خطوات ملشنة ( الميليشيات )
الدولة ومقوماتها وأغراقها المتعمد بأوحال الطائفية العمياء عبر شرعنه سلاح طرف واحد من شركاء الوطن (المفترضين) وهو السلاح الذي لعب دوراً أساسياً ورئيسياً في أذكاء نار الفتنة وتأجيجها وأدامتها وتخريب الوحدة المجتمعية وذبحها بسكين الأجندة الإقليمية الصفراء منذ أكثر من سبعة عشر عاماً وكذلك دقت مسماراً جديداً وجد له مكان بالكاد في نعش السلم الأهلي والتعايش السلمي المشترك بين المكونات المختلفة.
التداعيات المفجعة لشرعنة السلاح في الشارع العراقي وتحويله الى مقدس بالاعتماد على هرطقات صبيانية لا تقنع سوى من يتبناها ظاهرة للعيان ولا تحتاج لأدلة أو أسهاب في التفاصيل وهي بالمطلق انتكاسة حقيقية للتيار المطالب بالدولة المدنية القائمة على اسس تتناقض تماماً مع منهج وتوجهات الحكومات المتعاقبة ما بعد نيسان ٢٠٠٣ متعددة الولاءات السائرة في طريق عسكرة فئة ، وشيطنة وتجريم الفئة الأخرى من المجتمع ، مما سيدفع الفئة التي تشعر بالغبن اولا ، والتهديد المباشر ثانياً ، والظلم والتهميش ثالثاً ، وتحويلها الى مواطنين من الدرجة الثانية رابعاً ، وحرمانها من ابسط حقوقها الإنسانية خامساً ، الى البحث ربما خارج بلدها على من يعينها في التصدي لخطط ما يفترض انها حكومتها بسبب احساسها بأن وجودها وكينونتها وديمومة نسلها نفسه الضارب في عمق تأريخ العراق مهدد وتشظيات هذا التفكير ، والتفكير المضاد تسبب شرخاً مروعاً في الوطنية والانتماء يبدو انه يلقى مباركة من جمهور تأدلج على التقوقع في اطار موروثات دينية وعقائدية اغلبها خارج نطاق العقل السوي ومشكوك فيه بسبب حالات التزوير والتلاعب في التأريخ الذي تم توظيفه سياسياً بما يخدم مصالح هذه الجهة او تلك بغية الوصول لأكبر قدر ممكن من المكاسب .
نحن نعلم ان الحكومة العراقية لا تمتلك قرارها ولانصفه ولاربعه وانها ليست اكثر من ادارة محلية تبصم على ما يوضع أمامها بكل ممنونية ولذلك من السذاجة ان تحاول القول بمحاربتها للفساد ونحن نعلم ان الفساد يمثل اللادولة المستقوية بالسلاح التي افترست الدولة ، بل واسقطتها بالضربة القاضية في اول اختبار عندما تعرض جهاز مكافحة الإرهاب احد رموز الدولة الى الانتكاس امام اللادولة ،والذي بلغ حد قيام عدد من منتسبي اللادولة بدوس صور رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بأحذيتهم في اهانة واستصغار وتحقير وتحدي لم يجد اي رد فعل من الدولة التي اثبتت ضعفها وعدم قدرتها على المواجهة .
ان منطق فرض الدولة يحتاج الى مقومات وليس تصريحات والى رجال وليس امعات والى قرار وطني وسيادي وارادة حقيقية وشجاعة في تحمل المسؤولية وقوة على الأرض تكون قادرة على التنفيذ، فهل يتوفر كل ذلك في بلد قواته الأمنية متعددة الولاءات واسيرة للأجندات وتهيمن عليها الميلشيات؟
اعتقد ان الأجابة على السؤال ليست صعبة اطلاقاً.
0 تعليقات
إرسال تعليق