لبنى الحرباوي


الأفضل أن نتعلّم ألّا نتوقع الأفضل، لا مع الحظ ولا مع البشر، كلاهما مخيبان للآمال في النهاية.. انتظروا الأفضل من أنفسكم فحسب.

الحظ.. "لعبة بيد القدر"

في الأسابيع القليلة الماضية انضمّ قطّ، ويمكن أن يكون قطّة، لست متأكدة لأننا فشلنا في تحديد جنسه، إلى عائلتنا.

وكان علينا إطلاق اسم عليه وأوكلت لي المهمة. أطلقت عليه اسم فرتونة، أملا في أن يكون له من اسمه نصيب؛ أن يعيش سعيدا.

تعني الفرتونة (La Fortuna)، وهي كلمة إيطالية مستخدمة في الدارجة التونسية، حسن الطالع والحظ السعيد، فنقول فلان “عنده الفرتونة” أو “عنده الزهر” أو “زهره يكسر الحجر” و”مزهار”.. كلها عبارات تؤدي نفس المعنى وتعني أن “فلان هذا محظوظ جدا” وكل واحد و”زهره”.

لا يزال الإنسان منذ الأزل يبحث عن “الفرتونة” التي ستغير مصيره، مقتنعا أنه “لعبة بيد القدر”.

يتحفنا كثيرون بنظريات تؤكد أن النحس والحظ لا يمكن أن يحدثا بشكل عشوائي أو بالصدفة كما يظهر، بل يحدثان بسبب قوي وفي توقيت مناسب تماماً، وما يجب على الباحث عن “الفرتونة” فعله هو إمساك طرف الخيط لمعرفة متى سيأتيه النحس ومتى سيحالفه الحظ تماماً. وبعيدا عمّا يقوله أكثر المثاليين مثالية بأن “سوء الحظ، هو الشمّاعة، التي يُعلق عليها أكثر الفاشلين فشلهم”، فإن آخرين يؤكدون أن الحظ مرادف للعشوائية، كما البرق يضيء في السماء ولا تتوقع له مكانا محددا.

وعلى طارئ الحديث عن البرق يحكى أن ضابطا بريطانيا برتبة رائد يدعى والتر سامرفورد تعرض لصاعقة برق حين امتطائه لحصانه، وقتاله في صفوف الجيش البريطاني عام 1918، تركته مشلولا من خصره وحتى قدميه في شطر جسمه الأيسر، ما اضطره إلى التقاعد والرحيل إلى مدينة فانكوفر.

وفي أحد أيام عام 1924، أثناء جلوسه تحت شجرة، يصطاد الأسماك، أضاءت السماء، صاعقة، ومن ثم اصطدمت بالشجرة التي يجلس عليها سامرفورد لترتد إليه، ويصيبه البرق مرة ثانية، ويُسبب له شللا في الجانب الأيمن من جسده.

وبمتابعة العلاج، تمكن سامرفورد من التعافي خلال عامين، وصار قادرا على السير على قدميه مرة أخرى. ليصدمه البرق مرة ثالثة أثناء خروجه للتنزه سيرا في صيف 1930 مما أصابه بشلل تام، وتوفي على إثره.

لم ينس البرق صديقه سامرفورد، فبعد أربع سنوات من وفاته، ضربت صاعقة المقبرة التي دُفن فيها، ودمرت شاهد القبر الخاص به.. حصرا.

الأفضل في هذا كله أن نتعلّم ألّا نتوقع الأفضل، لا مع الحظ ولا مع البشر، كلاهما مخيبان للآمال في النهاية.. انتظروا الأفضل من أنفسكم فحسب.