د. فاتح عبدالسلام


من السذاجة القول انّ الامريكان إذا قرروا اغلاق سفارتهم في بغداد وسحبوا جنودهم الى أربيل سيكونون في منأى عن القصف الصاروخي. لا تزال المعطيات توحي بقوة أنَّ هكذا قرار لو جرى تنفيذه فهو قرار لشن حرب ساحتها العراق للرد على اصحاب القرار في اطلاق الصواريخ. ليس هناك تفسير متاح آخر.

الهجمات الصاروخية التي انهالت في محيط أربيل ومطارها الدولي هي تصعيد جديد يفسر أنّ صاحب القرار الصاروخي يصر على انَّ العراق هي ساحته الأسهل والمثالية لأية تصفية حسابات أو بث رسائل تحد أو الشروع في الحرب التي تدق طبولها في الرؤوس من بعيد وقريب، وقد تخرج من الرؤوس الى الواقع في أية لحظة.

التصعيد بين الخصوم يهدف الى جسّ النبض ومعرفة الخطط والنيّات وسحب الآخر لمواقف اضطرارية قد يبدو فيها ضعيفاً وغير مستعد، كما هو حال الوضع الامريكي قبيل الانتخابات .

ثمّة مراهنة على أحداث غير مرئية وتوقّعات تخص الانتخابات الامريكية والبيت الابيض في هذا التوقيت الحسّاس، ويبقى العراق أحد أبرز ساحات الاعداد والتنفيذ لأي تصعيد أو مواجهة أو تلويح أيضاً.

يبدو انَّ هناك حلقة خارج السيطرة تماماً لا تمسها الاتصالات الحكومية لمنع التداعيات، وما يخشى له أن تكون هناك حلقات كثيرة تتوالى بالتتابع لتشكل هي الصورة الطاغية في المشهد وتتوارى المشاهد الحكومية والرسمية في الخلف.

في المحصلة ، مهما كانت التفسيرات، فإنَّ العراق هو الساحة الأولى للصراع الايراني الامريكي ، وكُل ما يقال في التصريحات الرسمية مجرد أمنيات أو اسقاط فروض من مسؤولين عراقيين باتت الريح العاتية أقوى منهم منذ زمن بعيد.

التفاؤل في غير محله، أخطر أنواع الخطوب. ولنتحسّب جيداً للأسوأ المقبل .