سعد الاوسي
حدث هذا في جهاز المخابرات – مكتب رئيس الجهاز في 2014 حين تقدم احد ضباط جهاز المخابرات بعريضة الى رئيس الجهاز السابق زهير الغرباوي يلتمسه فيها مد يد المساعدة والعون لابن اخته اليتيم البالغ من العمر 7 سنوات , لانه بحاجة لاجراء عملية جراحية عاجلة في القلب بسبب عيب ( ولادي ) كما يسميه الاطباء , كانت حالة الطفل حرجة ومثيرة للحزن والشفقة لكونه يعاني بسبب قلة ضخ الدم من ازرقاق في الوجه و صعوبة في التنفس , ولم يكن خاله الذي يعيله وامه اضافة الى عائلته يملك سوى راتبه الشهري , وقد استطاع ان يتدبر من بعض المعارف والاقرباء مبلغ 6500 دولار وينقصه 3500 دولار لكي يكتمل مبلغ (( الدفتر )) ال 10000 عشرة الاف دولار تكلفة اجراء العملية لعقيل الطفل الشاطر المتفوق في سنته الدراسية الثانية والذي لا يستطيع اللعب مع اصدقائه لان قلبه المريض ضعيف ولا يتحمل , كانت صورة عقيل ودموع امه المسكينة لا تفارق خيال الخال الضابط وهو يقف امام رئيس الجهاز السابق الباشا زهير الغرباوي وبالكاد يمسك دمعته وهو يبذل اقصى لغات التوسل كي يقنعه بتبني حالة الطفل وعلاجه او على الاقل التبرع له بالمبلغ الناقص لاجراء العملية , نظر زهير الغرباوي الى الضابط طويلا ثم حول نظره الى سكرتيره (( و ، الحديثي )) بغضب وتأنيب واضح ليقول (( اني مو فاتحها مستشفى لو جمعية خيرية حتى تقدملي هيج طلبات , انت ماتصلح سكرتير , روح فتح عرض حالجي بباب المحكمة احسنلك )).....!!
شعر السكرتير (( و )) الحديثي بالخوف من لهجة رئيس الجهاز السابق الباشا الغرباوي الحادة وصوته الغاضب ونظر بلوم الى الضابط الذي مايزال يحمل عريضته ويقف راجيا الرحمة والعون من مديره القاسي , ولكي يتدارك الامر بسرعة اشار السكرتير (( و )) الحديثي الى الضابط للخروج تفاديا لغضب الغرباوي , لكن الضابط لم يتحرك من مكانه وبدا كما لو انه يتعلق بطوق النجاة الاخير (( سيدي حتى لو تتكرم علينا وتعتبر المبلغ سلفة , والله لو تشوفه للطفل راح تنقهر عليه حيل , وحياتك سيدي مدا اكدر اباوع بعين امه اللي راح تموت قهر على ابنها الوحيد ,, سيدي حتى لو دين من جيب سيادتك , والله مسالة انسانية ))......!
اشار الغرباوي للسكرتير الحديثي وللضابط بالخروج بعد ان امسك بملف على مكتبه وكأنه يقول انه منشغل وان المقابلة انتهت , لكن الضابط المسكين تشبث الى آخر لحظة بامل ان يرق له قلب الباشا زهير الغرباوي ويرحم ذلته وتوسله فقال : سيدي ابوس ايدك ،،،، قاطعه الغرباوي بغضب (( يبدو انك ضابط غير منضبط ولا تصلح للعمل بالجهاز , اطلع بره ))،،،، ثم قال لسكرتيره و : شوفله مكان خارج الجهاز , هذا ميفيدنا هنا , واياك ان تجيبلي هكذا طلبات بعد الان ....!!
بالمناسبة (( تعود زهير الغرباوي على إحالة مئات ضباط المخابرات الى دوائر مدنية بعضها خدمية بسيطة لا تليق بضابط مخابرات وذلك ضد كل من يغضب عليه او يعكر صفوة مزاجه او لا يرضى عليه )).....!!
قال الغرباوي لسكرتيره والله احبسك واحبس صاحب الطلب وياك , تفضلوا بره ....!!
خرج الضابط هذه المرة بمصيبتين بدل مصيبة واحدة , والسكرتير يوبخه على الموقف الحرج الذي وضعه فيه امام رئيس الجهاز السابق.... , ويرفع الهاتف ليخبر مدير عام الإدارية والمالية بامر نقل الضابط الى خارج الجهاز حسب امر السيد رئيس الجهاز او (( السيد القائد كما كان يحلوا للغرباوي ان ينادوه اذ كان هاشم المرافق الخاص لزهير يطلب من الجميع مناداة الغرباوي بالسيد القائد )).......!!
بعد اقل من نصف ساعة كان المقدم الركن (( ماهر المشهداني )) وهو شقيق مدير أمن الجهاز المرحوم شاكر المشهداني ، وهو المكلف بمتابعة شؤون برج الطيور واقفاص الدجاج وباقي الحيوانات التي يهواها الغرباوي ويحرص على جمع النوادر منها داخل مقرات الجهاز الرسمية وبصورة علنية يساعده اربعة ضباط مخابرات اخرين بسياراتهم واسلحتهم واجهزتهم متفرغين لطيور ودجاج (( السيد القائد )).......كان المقدم الركن ماهر المشهداني يقف امام السكرتير يحمل قفصا انيقا في داخله طير نادر , ليطلب اذنا عاجلا بالدخول على السيد القائد للاهمية , اشار له السكرتير بالدخول فورا لان تعليمات الغرباوي حول المقدم الركن (( ماهر المشهداني )) ان يدخل عليه فورا حين حضوره .....رفع ماهر القفص امام زهير الغرباوي بفرح قائد منتصر وهو يقول : سيدي اخيرا لكيتلكياه ,, وبسعر لكطه 8 الاف دولار بس , جبته عالسريع وصاحبه دينتظر بالتشريفات .....تغيرت ملامح الغرباوي وانطلقت اساريره وخرج من وراء مكتبه ليتفرج على الطير الذي طال انتظاره له , ودون اي كلمات رجع الى المكتب واخرج من درجه مبلغ 10 الاف دولار ( شدة جديدة ) , هاك ادفع ال 8 الاف لصاحب الطير ومشيه وخذ الك 2000 دولار , هاي هدية من جيبي الخاص , ثم التفت الى السكرتير الذي كان مايزال واقفا بحالة الاستعداد امام الرأس الكبير , وقال له : تسويله كتاب شكر من المكتب الخاص بتوقيعي لجهده المتميز في المتابعة . : امرك سيدي ,،،،،، رسم السكرتير ابتسامة فرح عريضة على وجهه ليشارك مديره فرحته بالطير الجديد ولينسيه غضبه عليه قبل نصف ساعة بسبب قصة عقيل ( السخيفة ) المزعجة , وخطا خطوات سريعة نحو مكتبه كي يصدر امر الشكر للمقدم الركن ماهر المشهداني , لكن ابتسامته العريضة التي كانت قبل حين ، غابت في عتمات خياله وهو يفكر بمصير عقيل , الطفل الذي سيموت لان اهله لم يستطيعوا ان يتدبروا 3500 دولار لعلاجه , ووجد نفسه يخاطب السماء بكلمات متمتمة ....(( ربي ليش ما خلقت عقيل طير حتى يلكه من يعتني بيه ويعالجه , ربي نريده طير بالدنيا مو طير بالجنة ))....... !!!!
0 تعليقات
إرسال تعليق