د.محمد فتحي عبد العال
كاتب وباحث وروائي مصري
لربما تنفق ثلاثة أرباع عمرك ونيف حتى تصير مشهورا في مصر ..هذا بالطبع لو اردت تحصنا عن ركوب التريند بالمهاترات والأسفاف وكان دائبك هو العمل على ٱصقال ذاتك وبناء معارفك وتغذية مواهبك ..
طريق وعر وشاق قد تصل وقد لا تصل ولأنك في مصر فلن تصل في الغالب لكن عزاؤك الوحيد سيكون أنك اخترت أن تحترم ذاتك وتعطي نفسك قدرها .
النقد الأدبي بطبيعة الحال هو وسيلة هامة في مسار أي كاتب أو أديب يسعى للتطوير الدائم فهو النظرة الخارجية المتفحصة والنابعة من مسؤولية مجتمعية يقوم بها ناقد مؤهل لهذه المهمة وليست تفضلا أو فوقية من أحد كما يذهب بعض النقاد في مسلكهم .والناقد الحاذق كالتاجر الماهر الذي ينظر بعين ثاقبة للسلع بذكاء فلكل سلعة زبائنها والناس في ما ينشدونه درجات فالكاتب العامي له من يفهمه والكاتب بالفصحى له مريدينه والكاتب الذي يغزل العلم بالأدب له جمهوره والكاتب الديني له أتباعه وهكذا والفيصل المضمون ووجاهته فلا ينبغي للناقد أن ينتقص من سعي الكتاب واجتهاداتهم كل بحسب ثقافته وخلفيته .
في المقابل لابد وأن يتحلى الكاتب بالقدر المطلوب من رحابة الصدر و التواضع واحترام ثقافة الاختلاف وتقبل النقد بأريحية وهدوء والاستفادة منه .
بالطبع ليس كل ما يتخيله المرء يناله بالشكل المثالي الذي يظنه خاصة لو كان النقد المنشود في بلاد النيل الحبيب!!
فالنقد في مصر في الماضي والحاضر تقوم عليه شبكة معقدة من الشخصيات التي تحكمها اللا معايير وتنظمها المنافع المتبادلة .
فمن النقاد من يلهث وراء المشاهير فهو بذلك في دائرة الضوء بجانبه ولن تضيع حروفه سدى بالمقارنة بالوقوف مع كاتب مبتدىء .
وياحبذا لو عمل الكاتب المشهور مرشحا للحصول على جائزة فالنقاد والكتاب سيتسابقون حتما لكيل المديح للكاتب والتغزل في إبداعه وستدهش يا عزيزي حينما تعلم أن كثير من هؤلاء النقاد لم يطلعوا على كامل الرواية أو قرأوا مقتطفات منها ولكنها فرصة الالتفاف تحت مظلة شهرة الكاتب والكتاب الحائز على جائزة كبيرة لكن الذي يغرقك في الضحك ماذا لو تبدل الأمر وخسرت الرواية فالجميع سيهرب ويتنصل وبعضهم يعتمد على ذاكرة السمك لدى الجمهور ونسيانهم مديحه بالأمس القريب ويتحول وبسرعة لرشق الرواية بالنقصان وصاحبها بأقذع الصفات والأوصاف !!
ومن النقاد من يبحث عن المقابل فلكل شىء مقابل والكاتب سيحصد نتاج كلمات الناقد في الارتفاع بمبيعات كتابه وتحت عنوان المقابل مآرب شتى وأشكال متعددة تخضع لدرجة التنازلات بين الطرفين .
حدثني صديق أنه ومع أول عمل روائي له كان يظن أن النقاد سيتلقفوه لا يهم أن يكون النقد سلبا أو إيجابا ولكن الكتاب حتما سيكون في دائرة الضوء وهذا هو مبتغى الكاتب في المطلق.
ولكن ما حدث معه كان العكس تماما فقد بدأ رحلة شاقة على نفسه في البحث عن النقاد فبدأ بالصف الأول وبدأ بصحفية مرموقة تشغل منصبا كبيرا في إحدى الصحف ومر ما يقرب من عام وصديقنا ينتظر والصحفية ترد باقتضاب أنها تفتقد الشغف للقراءة !! ومع عودة الشغف ستقرأ الرواية والوقت يمر وما بال الشغف لا يأتي !! وما حكاه لي صاحبي في ابتسامة ساخرة لا تخلو من حسرة أن الصحفية كانت يوميا تعرض على صفحات المشاهير عمل قراءة عن كتبهم كما أن فقدان شغفها نحو قراءة روايته لم يمنعها من الإعلان اليومي عن رواية ابنتها المبتدئة والتقريظ لها!! وقد فترت همته في النهاية مع كثرة الصد وعدم الرد من كبار النقاد في مصر واعتمد في النهاية على أصدقائه من الكتاب وبعض قرائه..
الحقيقة أن النقاد في مصر يتفاوتون في درجة الثقافة فمنهم من يمارس النقد على الفطرة وهؤلاء أطيبهم وأخطرهم فهم يمارسون النقد كسبا للود فلا يردون أحدا ولا يخيبون رجاء أحد وتخرج كتاباتهم كلاما معسولا لا يحقق الهدف المنشود والغرض المرجو من مهمة النقد ومن النقاد أيضا الناقد الحاقد وما بين النقد والحقد استبدال حرف بسيط لكن خلف هذا الحرف نيران لا تهدأ ساعية للهدم والخراب فالناقد الحقود مهمته نقد المشاهير بقسوة والنيل منهم واتهامهم بالسرقة وابتزازهم أحيانا ومن أظرف ما رأيت من هؤلاء النقاد ناقد يضع صورة كتاب من الأكثر مبيعا لكاتب مشهور ما وإلى جانبها يعمد لوضع صورة لرواية أجنبية ويختارها بذكاء فهي غير مترجمة ليصعب مهمة التحقق زاعما أن الكاتب المشهور قد سرق روايته منها دون أن يشير إلى مواضع السرقة والاقتباس واعدا الوسط الادبي منذ عشرات السنين بمنتجه الأدبي عن السرقات الأدبية وهو المنتج المتعثر في ولادته حتى الآن .
ومن النقاد أيضا من يعتمد على سابق خبرته في الكتابة والسرد فينصب نفسه إلها وللأسف الشديد هناك من يتخذ هذا اللقب فعليا ويفاخر به والعياذ بالله وهذا النوع من النقاد لا يتورع عن تدمير الآخرين بنقده في سبيل الانتصار لذاته ولمدرسته دون فهم أن العمل الأدبي ليس فقط مجموعة من الكلمات المنتقاة من المعاجم والمطرزة جنبا إلى جنب بتشبيهات واستعارات وكنايات فالفكرة الجديدة والمعالجة المختلفة وسلامة المقاصد كلها عوامل هامة واخفاق الكاتب في بعض أدوات الكتابة ليست نهاية العالم فمع الوقت والمثابرة وكثرة المطالعة حتما سيكتسبها .
ومن النقاد خاصة المبتدئين والهواة من يرى أن النقد جله تتبع أخطاء الكاتب في النحو والإملاء متلازمة تعاسة الكاتب مع اللغة العربية بتعقيداتها والتي تنفرد بها عن لغات العالم !! فاللغة العربية تتطلب تطويرا ومرونة لاستيعاب الأفكار والمفردات والسهولة في الكتابة ودمجها في البرامج الرقمية بشكل سهل وفعال وهذا هو السبب الجوهري لانصراف العالم عن جعلها من لغات العلم الحديث .
لذلك أرى أنه قد آن الأوان للتطوير في كل شىء في قواعد اللغة العربية وفي طرق النقد الأدبي ليكون معتمدا على تقنيات البرمجة والذكاء الاصطناعي وهو أمر غاية في الأهمية فهو وسيلة تضمن التحليل الكامل للنص الذي يمكن البناء عليه وتحديد نسب الاقتباس بدقة وهو أيضا الضمانة الأكيدة للحيادية في النقد البناء والمساواة في فرصه وضمان الاستفادة من نتائجه في التطوير المستمر .
كاتب وباحث وروائي مصري
لربما تنفق ثلاثة أرباع عمرك ونيف حتى تصير مشهورا في مصر ..هذا بالطبع لو اردت تحصنا عن ركوب التريند بالمهاترات والأسفاف وكان دائبك هو العمل على ٱصقال ذاتك وبناء معارفك وتغذية مواهبك ..
طريق وعر وشاق قد تصل وقد لا تصل ولأنك في مصر فلن تصل في الغالب لكن عزاؤك الوحيد سيكون أنك اخترت أن تحترم ذاتك وتعطي نفسك قدرها .
النقد الأدبي بطبيعة الحال هو وسيلة هامة في مسار أي كاتب أو أديب يسعى للتطوير الدائم فهو النظرة الخارجية المتفحصة والنابعة من مسؤولية مجتمعية يقوم بها ناقد مؤهل لهذه المهمة وليست تفضلا أو فوقية من أحد كما يذهب بعض النقاد في مسلكهم .والناقد الحاذق كالتاجر الماهر الذي ينظر بعين ثاقبة للسلع بذكاء فلكل سلعة زبائنها والناس في ما ينشدونه درجات فالكاتب العامي له من يفهمه والكاتب بالفصحى له مريدينه والكاتب الذي يغزل العلم بالأدب له جمهوره والكاتب الديني له أتباعه وهكذا والفيصل المضمون ووجاهته فلا ينبغي للناقد أن ينتقص من سعي الكتاب واجتهاداتهم كل بحسب ثقافته وخلفيته .
في المقابل لابد وأن يتحلى الكاتب بالقدر المطلوب من رحابة الصدر و التواضع واحترام ثقافة الاختلاف وتقبل النقد بأريحية وهدوء والاستفادة منه .
بالطبع ليس كل ما يتخيله المرء يناله بالشكل المثالي الذي يظنه خاصة لو كان النقد المنشود في بلاد النيل الحبيب!!
فالنقد في مصر في الماضي والحاضر تقوم عليه شبكة معقدة من الشخصيات التي تحكمها اللا معايير وتنظمها المنافع المتبادلة .
فمن النقاد من يلهث وراء المشاهير فهو بذلك في دائرة الضوء بجانبه ولن تضيع حروفه سدى بالمقارنة بالوقوف مع كاتب مبتدىء .
وياحبذا لو عمل الكاتب المشهور مرشحا للحصول على جائزة فالنقاد والكتاب سيتسابقون حتما لكيل المديح للكاتب والتغزل في إبداعه وستدهش يا عزيزي حينما تعلم أن كثير من هؤلاء النقاد لم يطلعوا على كامل الرواية أو قرأوا مقتطفات منها ولكنها فرصة الالتفاف تحت مظلة شهرة الكاتب والكتاب الحائز على جائزة كبيرة لكن الذي يغرقك في الضحك ماذا لو تبدل الأمر وخسرت الرواية فالجميع سيهرب ويتنصل وبعضهم يعتمد على ذاكرة السمك لدى الجمهور ونسيانهم مديحه بالأمس القريب ويتحول وبسرعة لرشق الرواية بالنقصان وصاحبها بأقذع الصفات والأوصاف !!
ومن النقاد من يبحث عن المقابل فلكل شىء مقابل والكاتب سيحصد نتاج كلمات الناقد في الارتفاع بمبيعات كتابه وتحت عنوان المقابل مآرب شتى وأشكال متعددة تخضع لدرجة التنازلات بين الطرفين .
حدثني صديق أنه ومع أول عمل روائي له كان يظن أن النقاد سيتلقفوه لا يهم أن يكون النقد سلبا أو إيجابا ولكن الكتاب حتما سيكون في دائرة الضوء وهذا هو مبتغى الكاتب في المطلق.
ولكن ما حدث معه كان العكس تماما فقد بدأ رحلة شاقة على نفسه في البحث عن النقاد فبدأ بالصف الأول وبدأ بصحفية مرموقة تشغل منصبا كبيرا في إحدى الصحف ومر ما يقرب من عام وصديقنا ينتظر والصحفية ترد باقتضاب أنها تفتقد الشغف للقراءة !! ومع عودة الشغف ستقرأ الرواية والوقت يمر وما بال الشغف لا يأتي !! وما حكاه لي صاحبي في ابتسامة ساخرة لا تخلو من حسرة أن الصحفية كانت يوميا تعرض على صفحات المشاهير عمل قراءة عن كتبهم كما أن فقدان شغفها نحو قراءة روايته لم يمنعها من الإعلان اليومي عن رواية ابنتها المبتدئة والتقريظ لها!! وقد فترت همته في النهاية مع كثرة الصد وعدم الرد من كبار النقاد في مصر واعتمد في النهاية على أصدقائه من الكتاب وبعض قرائه..
الحقيقة أن النقاد في مصر يتفاوتون في درجة الثقافة فمنهم من يمارس النقد على الفطرة وهؤلاء أطيبهم وأخطرهم فهم يمارسون النقد كسبا للود فلا يردون أحدا ولا يخيبون رجاء أحد وتخرج كتاباتهم كلاما معسولا لا يحقق الهدف المنشود والغرض المرجو من مهمة النقد ومن النقاد أيضا الناقد الحاقد وما بين النقد والحقد استبدال حرف بسيط لكن خلف هذا الحرف نيران لا تهدأ ساعية للهدم والخراب فالناقد الحقود مهمته نقد المشاهير بقسوة والنيل منهم واتهامهم بالسرقة وابتزازهم أحيانا ومن أظرف ما رأيت من هؤلاء النقاد ناقد يضع صورة كتاب من الأكثر مبيعا لكاتب مشهور ما وإلى جانبها يعمد لوضع صورة لرواية أجنبية ويختارها بذكاء فهي غير مترجمة ليصعب مهمة التحقق زاعما أن الكاتب المشهور قد سرق روايته منها دون أن يشير إلى مواضع السرقة والاقتباس واعدا الوسط الادبي منذ عشرات السنين بمنتجه الأدبي عن السرقات الأدبية وهو المنتج المتعثر في ولادته حتى الآن .
ومن النقاد أيضا من يعتمد على سابق خبرته في الكتابة والسرد فينصب نفسه إلها وللأسف الشديد هناك من يتخذ هذا اللقب فعليا ويفاخر به والعياذ بالله وهذا النوع من النقاد لا يتورع عن تدمير الآخرين بنقده في سبيل الانتصار لذاته ولمدرسته دون فهم أن العمل الأدبي ليس فقط مجموعة من الكلمات المنتقاة من المعاجم والمطرزة جنبا إلى جنب بتشبيهات واستعارات وكنايات فالفكرة الجديدة والمعالجة المختلفة وسلامة المقاصد كلها عوامل هامة واخفاق الكاتب في بعض أدوات الكتابة ليست نهاية العالم فمع الوقت والمثابرة وكثرة المطالعة حتما سيكتسبها .
ومن النقاد خاصة المبتدئين والهواة من يرى أن النقد جله تتبع أخطاء الكاتب في النحو والإملاء متلازمة تعاسة الكاتب مع اللغة العربية بتعقيداتها والتي تنفرد بها عن لغات العالم !! فاللغة العربية تتطلب تطويرا ومرونة لاستيعاب الأفكار والمفردات والسهولة في الكتابة ودمجها في البرامج الرقمية بشكل سهل وفعال وهذا هو السبب الجوهري لانصراف العالم عن جعلها من لغات العلم الحديث .
لذلك أرى أنه قد آن الأوان للتطوير في كل شىء في قواعد اللغة العربية وفي طرق النقد الأدبي ليكون معتمدا على تقنيات البرمجة والذكاء الاصطناعي وهو أمر غاية في الأهمية فهو وسيلة تضمن التحليل الكامل للنص الذي يمكن البناء عليه وتحديد نسب الاقتباس بدقة وهو أيضا الضمانة الأكيدة للحيادية في النقد البناء والمساواة في فرصه وضمان الاستفادة من نتائجه في التطوير المستمر .
0 تعليقات
إرسال تعليق