فرح تركي


  العزف متوقف؛ فأنا لن أغنّي بعدها، فعنوانات الأغاني حياة منها تدفّق الفضاء الرحب، ومنها تحرّرتْ المشاعر من قلب قائلها؛ لتفيض عبقاً سرمديًّا في أفئدة من يغنيها بروحه قبل لسانه. 

كل من يسمع أو يقرأ شيئًا يترجم ما قرأه وسمعه حسب أوجاعه أو مسراته.. 


فينا رحى الأيّام وتتضح لدينا الصورة فلا نعد نمتلك إلا مع صاحب الكلمات جسوراً من الطلاقة في التعبير والتفكير والدهشة.


كيف يمكن لشخص آخر أن يترجم ما فينا بهذه الكفاءة؟ 


في الحقيقة قد نكون مررنا بنفس التأريخ، ذات المواقف قد نمتلك الكثير من الصفات المشتركة وتمر بنا ذات الوجوه التي تفرح والناس التي تضع في دروبنا الحجارة دون سبب..


وتدور حلقة الزمن لنرى العجب في أنفسنا التي تقاوم التغيير، وفي حاجتنا للمسايرة لنعيش في صراع غير معلن تظهر علاماته في شحوب الوجه ويعجز أقرب الناس على إدراك ما يمرّ فينا الآن.. 


في دوامة الصراع، تلتهب آوردتنا، يتزلزل أعمق ما فينا، نبدو في بعض الأحيان دمى تسير، أو ربّما روبوت، 

فنقول لرباطة الجأش

 "أستعجلت الرحيل؟"


لتدور رحى الأيام فنقتنع بعد جهد بأن ما رحل ليس لنا، لا مكان ولا زمان ولا إنسان،

 إدراكنا بأننا في اللحظة التي تمرّ بعدها في مكسبنا يجعلنا نتعايش ونرضى وتسكن تلك الرياح العاتية التي كادت أن تقلع الروح وتصل بنا إلى هاوية اليأس، ما بقي هو نحن.. 


المكسب بعد كل الصراعات أن يربح الإنسان نفسه وأحبته.. 

والبعض يردد بعد أن يضمن ذلك فيأت الطوفان.. 


أيكون الطوفان قد رحل، ولم نغرق؟ 

 ممكن جداً.. 


 أستمهلك لحظة يا طاقتي، التي تجعل روحي تشع، تنير لي الظلمات، تستوقفني حيث ينغرس الفرج قوي المنبت في الروح.. 


فلا يد تمتد لتسند جسدي الهزيل، ولا أنفس تطيق ثرثرتي التي تموج في قصصي التي لا تعنيهم بشيء.. 


ما أنا إلا كائن ممل بأحاديثه، ثرثرته،

وأنينه؛ لذلك أجد الأعين تنظر إليّ كي أرحل، أصمت، أوقف الزمن كي لا أكون هنا حالياً، كما في خيالي المتدفق، يفتح باب أتطلع فيه أجد ما فوق الخيال ينسيني كل ذلك 

أبحث عن ريشتي، أجدها في جيب معطفي أبحث عن حبري أجده نديًّا  دون تفكير أكتب، وأكتب، وأكتب،

وأولد من جديد..

وليرحل من يود الرحيل، فلا يبقى إلا الأصيل.