ثائرة اكرم العكيدي 

من أكبر أسباب تقبل الشائعات ونشرها دون تأكد أو بحث أو سؤال المختصين، الخلفية الصحية الضحلة جداً والمعدومة عند افراد المجتمع العراقي بشكل عام فمستوى الثقافة في هذا المجال عند العامة يكاد يكون صفراً، ونلمس ذلك من خلال بعض الأسئلة والنقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي حيث نفاجأ بالمستوى الضعيف جداً حتى عند المتعلمين وحَمَلة الشهادات الجامعية.
فنحن ومع الأسف مجتمع كسول وغير مهتم ولا نبحث عن المعلومة إلا عند حدوث المشكلة ولا نهتم أبداً بمبدأ الوقاية الذي هو أهم من العلاج وعند حدوث المشكلة فإننا نتخبط بحثاً عن أي معلومة بسرعة وبطريقة عشوائية فنصف معلومة من الدكتور جوجل ونصف آخر من سوالف المجالس، ومعلومة أخرى من بائع بمحل عطارة وأخرى من صديق أصابته أعراض مشابهة قبل عدة سنوات وذلك لأننا نجهل كيفية البحث والسؤال الذي لم نتعلمه في المدارس ولا الجامعات مما فاقم هذا الجهل وجعل التركيبة الصحية لدى الفرد هشة جداً.
ان مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر بئية خصبة لنشر الأخبار بشكل سريع خصوصاً الشائعات بكل أشكالها وأنواعها وذلك لصعوبة التحكم في المحتوى الإلكتروني وما يتم نشره من قبل المواطنين. 
الشائعة في تعريفها هي: معلومة يتناقلها الناس دون أن تكون مستندة إلى مصدر موثوق، ومن الأسباب الرئيسة لوجود الشائعات هو حاجة الناس للحصول على معلومة واضحة، وخاصة فيما يتعلق بالصحة العامة ومع الأسف فمصادر المعلومات عندنا في معظمها ضعيفة وغير مبنية على دراسات أو مصدر علمي او صحي موثوق نظرا لقلة وانعدام الاجراءات والاجهزة أما مدى انتشار الشائعة وتناقلها في مجتمع ما فإنه يعتمد على مستوى ثقافة ذلك المجتمع فكلما كان أفراد ذلك المجتمع مثقفين، قل تقبل ونشر الشائعة وذلك لأن الفرد الذي لديه ثقافة عن أمر ما يكون لديه تحصين ذاتي بمعرفته لتلك المعلومة، ثم إنه يغلب عليه التثبت والتاكيد من تلك المعلومة قبل نقلها .أما على مستوى الوزارة والمؤسسات الصحية الأخرى لم تتكاتف جهودهم لإنشاء موقع وطني موثوق للتثقيف الصحي فعلى الأقل أن يقوموا بترجمة أحد المواقع الأجنبية الموجهة للعامة، والعمل الحثيث على رفع مستوى الثقافة الصحية لدى المجتمع فقد تأخرنا كثيراً في هذا المجال كما يجب أن يجب قبول المتطوعين من المنظمات الانسانية والصحية من خريجين تدريبهم وتوجيههم وفتح مكاتب لهم في الأماكن العامة كالأسواق والجامعات وغيره ودعمهم بمنشورات ومحتوى جيد بحيث يتم الوصول لأكبر شريحة من المجتمع وهذه المكاتب موجوده في كردستان فقط مع الاسف. يجب علينا محاولة العمل بكل قوة على عامل الوقاية، وكما قيل الوقاية خير من علاج.
اما بالنسبة للفرد فينبغي تركيز الجهود على تثقيف المجتمع، وحثه على طريقة البحث الصحيحة وسؤال المختصين، ومن الضروري أن يتم تدريس مادة تسمى "الثقافة الصحية" من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، تناقش فيها قواعد وأساسيات صحية لا يمكن للمرء الجهل بها، ويتم التركيز على مواضيع خاصة بمجتمعنا كالأمراض المنتشرة، والقناعات الخاطئة، وكيفية البحث والحصول على النصيحة الطبية الآمنة.
التثقيف الصحي يشمل ايضا الأطباء والعاملين في المجال الصحي فهم إلا من رحم الله لا يعيرون التثقيف الصحي ذلك الاهتمام بل إن أحدهم إذا قام بفحص المريض وقضى معه دقيقة أو دقيقتين فهو يرى نفسه مخلصاً أيما إخلاص، وقد يكون للنظام الصحي الحالي وللأعداد الهائلة للمرضى وضيق الوقت دور في ذلك التقصير لكن ذلك لا يعفي الطبيب ولا الصيدلي أو أي عامل في المجال الصحي من أداء الأمانة على اكمل وجه..
وليدرك الجميع أن الإشاعات وخاصة بما يهم الجانب الصحي تجد بيئتها الخصبة فى المجتمعات التى تفتقد الوعى ويسودها الجهل وينتشر فيها انعدام النظافة واهمال الحكومة للمؤسسات الصحية ولأن الإشاعات أشد خطرا على المجتمع من حرب الإرهاب ومواجهة الأعداء، فإنه يجب على المؤسسات والمنظمات التعليمية والصحية والثقافية والإعلامية والفنية أن تتضافر جهودها لتهدئة النفوس وغرس الايمان والتفائل بين صفوف الجماهير وتهيئة المجتمع وتوعيته بألا يصدق أو يردد ما يتلقفه من أخبار دون التأكد من مصداقيتها، وبث روح الثقة إلى جانب ضرورة تكذيب الإشاعات إعلاميّا وتفنيدها وبيان خطورة الانجراف وراءها.
واحيانا ترويج الإشاعة من قبل مؤسسات من جانب مصالحهم الشخصية كي يرتفعوا بقيمة سلعتهم وهذا ماحصل عندما ارتفع ثمن الكمامات الى اضعاف اضعاف سعره الاصلي مما ترتب عليه إحداث خلل فى الاقتصاد وإضرار بأموال الناس قد يترتب عليه موت بعضهم أو على الأقل إصابتهم بأمراض خطيرة جراء سماعهم الاخبار الكاذبة .حفظنا واياكم من شرور الامراض والاوبئة ...