عمر سعد سلمان        
                            
بالنسبة للكثير من الغرباء الذين يفكرون في ظاهرة الجوع في البلدان المتخلفة، تبدو حقيقة ان انتاجها أكبر يمكن ان يجلب غلالاً أرخص، جزءاً من الحل. والخطأ هو في نسيان نقطتين: اولاً: ان كثيراً من الفقراء هم ايضاً منتجون تعتمد حياتهم جزئياً على بيع غلالهم. وثانياً: انه بالنسبة لأولئك العاجزين عن المشاركة في التكنولوجيا الجديدة، لم تزد المحاصيل عادة. الا انه مع المزيد من الوفرة، ومع فشل السياسات الحكومية في الحفاظ على الأسعار، فان الزراع الفقراء الذين لم تتحسن محاصيلهم يعانون من بلاء أسوأ من أي وقت مضى
وجد ملاك الأراضي في كثير من البلدان بإمكانهم نقل جزء من عبء نفقات الإنتاج المتزايدة الى كاهل المستأجرين او الزراع بالمشاركة، مجربين المستأجرين فعلياً على دفع ثمن التكنولوجيا الجديدة. فمثلاً مع ادخال التكنولوجيا الجديدة، ارتفعت الإيجارات النقدية التي يجب ان يدفعها المستأجرون بنسبة تتراوح بين الثلث والنصف. وتتحول الإيجارات العينية للزراع بالمشاركة من القسمة التقليدية بالمناصفة بين المالك والمستأجر الى 70% مقابل 30% لصالح المالك. مما يقتطع من المستأجر فعلياً مكاسب الإنتاج. وكان على ملاك الأراضي التقليديين التزامات محددة جداً ومتبادلة تجاه مستأجريهم او زراعهم بالمشاركة. ولم يكن المالك ليفكر ابداً في القاء التزاماته على كاهل المستأجرين، لكن الان مع وجود عدد متزايد من الملاك الغائبين (سكان المدن)، تستبدل بالتعاملات التقليدية وجهاً لوجه علاقات لا شخصية تقوم على النقود. ويطالب الملاك بصورة متزايدة بدفع الايجار نقداً بدل الدفع عيناً
لن يكون هناك امن غذائي حقيقي، مهما بلغ الإنتاج، ما دامت موارد انتاج الغذاء يسيطر عليها اقلية ضئيلة، وتستخدم فقط لإثرائها. ففي مثل هذا النظام سيتحقق الربح الأكبر دائماً من تلبية مطالب أولئك الذين يمكنهم دفع أكبر ثمن وليس الجوعى
فاذا كان رجال اعمال المزارع في كولومبيا يجدون ان بإمكانهم كسب المزيد من النقود بزراعة علف الماشية لمصنعين أكثر مما يكسبون من زراعة نبات مثل الفول، فانهم سيزرعون العلف. وحين يكتشف زارع مكسيكي ان بإمكانه كسب نحو 20 ضعفاً من زراعة الطماطم للتصدير بالنسبة لزراعة القمح، فالأرجح انه سيتحول الى زراعة الطماطم. وإذا وجد كبار الزراع في أمريكا الجنوبية ان زراعة الازهار للتصدير تجلب لهم ربحاً أكبر مما تجلبه زراعتهم الذرة للناس المحليين فانهم سيزرعون الازهار
من الواضح ان المكننة الواسعة النطاق، ليست ضرورية لزيادة الإنتاج. ومن ناحية أخرى، من الممكن اجراء تحسينات تكنولوجية يمكن ان تزيد انتاج الفدان، وتجعل العمل أسهل، لكنها لا توفر العمال كما تفعل الآلات ذات الطراز الأمريكي
ان ما نحتاجه هي آلات تجعل العمل اقل مشقة، وكذلك تزيد الحاجة الى العمل البشري، بدل ان تحل محله: فما نحتاج اليه ليس مستوى مختلف من التكنولوجيا، بل نوع مختلف من التكنولوجيا. نوع يرفع الإنتاج، بينما يربط أناساً أكثر بطريقة مفيدة في عملية الإنتاج.