المحامي جاسم حامد جاسم

 الدائم هذه التسمية التي أطلقت على الدستور العراقي لسنة 2005 ومن الوهلة الأولى للقارئ غير الملم بالأمور القانونية والدستورية سيخمن ان هذا الدستور غير قابل للتعديل بسبب هذه المفردة اللغوية لكن الغاية من هذه المفردة هي ان المشرعون للدستور تكهنو ان الشعب العراقي قد أصابه الضجر من الدساتير المؤقتة السابقة كاالدساتيرالمؤقتة في العهد الجمهوري التالية:

الدستور العراقي المؤقت لعام 1958
قانون المجلس الوطني لقيادة الثورة بعد انقلاب 8 اشباط رقم 25لسنة 1963
الدستور العراقي المؤقت لعام 1964
الدستور العراقي المؤقت لعام 1968
الدستور العراقي المؤقت لعام 1980
الدستور العراقي المؤقت لعام 1990

ان دستور جمهورية العراق لسنة 2005 جاء إستثناء من هذه الدساتير وأطلق المشرعون عليه تسمية الدائم إضافة الى مامر على العراق من عدة دساتير مؤقتة انه جاء بمبداء الديمقراطية والتطبيق السليم لحكم الشعب بواسطة نفسه الاَّ الوباء السياسي الغير قابل للتعفير الذي تفشى في البلد كان السبب الرئيس في مطالب المتظاهرين الصارخة لتعديل الدستور من 2019/10/1 الى هذه اللحظة.
العيب ليس في الدستور فقط لكن في السياسة القائمة على تطبيقه والأن بات من الضروري جداً تعديل الدستور لكن الطريق إلى التعديل السليم للدستور ليس سالك خصوصا ان الدستور العراقي يصنف من الدساتير الجامدة لصعوبة تعديلها 
فهناك مطبات في الطريق ومنها نص المادة 142 
الآن هناك لجنة التعديل الدستور شكلت بأمر برلماني في 2019/10/28 كان الهدف منها امتصاص غضب المتظاهرين الذين طالبو بتغير جذري في النظام السياسي وتعديل الدستور لكن هذه اللجنة والدت من رحم الفساد والمحاصصة وغير ملمة بالأمور القانونية والدستورية وانيط بهذه اللجنة تعديل الدستور حسب نص المادة 142 التالية:
( أولا ـ يشكّل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب ، خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر ، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور . وتحلّ اللجنة بعد البت في مقترحاتها . 
ثانيا ـ تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها ، وتعد مقرة بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس . 
ثالثا ـ تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب ، وفقا لما ورد في البند (ثانيا) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ إقرار التعديل في مجلس النواب . 
رابعا ـ يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً بموافقة أغلبية المصوتين ، وإذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو أكثر . 
هـ ـ يستثنى ما ورد من هذه المادة من احكام المادة 126 المتعلقة بتعديل الدستور ، الى حين الانتهاء من البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المادة . )

ومنحت هذه اللجنة أربعة أشهر لرفع التوصيات الخاصة بتعديل الدستور الى البرلمان وتعتبر موافقة عليها اذا صوت عليها الاغلبية المطلقة من اعضاء البرلمان ومن ثم إحالة هذه المقترحات الى استفتاء شعبي وتعتبر التعديلات موافق عليها اذا لم يرفضها ثلث المصوتين في ثلاث محافظات او اكثر 
من النظرة الأولى لنص المادة أعلاه يتبين أن هذه اللجنة ولدت ميتة اللاسباب الأتية :
اولاً / ان هذه المادة حشرت مع الأحكام الانتقالية للدستور وهذا ما يخالف المنطق السليم للعقل والقانون حيث إن الأحكام الانتقالية هي ألية او جسر يربط الدستور القديم بالجديد وليست أحكام لتعديل الدستور . 

ثانياً/ إن هذه المادة قيدت نص المادة 126 من الدستور وهي المادة الأقرب للواقع وتجعل تعديل الدستور امر يسير جداً .

ثالثاً/ إن العمل بنص المادة 142 أعلاه يجعلها معدومةدستورياً استناداً الى صراحة الفقرة الأولى منها :
يشكل مجلس النواب في( بداية عمله )لجنة من أعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي مهمتها تقديم تقرير إلى مجلس النواب ، خلال مدة لا تتجاوز أربعة أشهر ، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن إجراؤها على الدستور . وتحلّ اللجنة بعد البت في مقترحاتها . 
هذا ما يوكد ان هذه اللجنة التي تشكلت فقدت مصداقيتها لكون تشكيلها يجب أن يكون في بداية اول أربعة اشهر من عمل البرلمان اي بمعنى من تاريخ عقد اول جلسة بتاريخ 2018/9/15 وهي جلسة انتخاب محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي وهذا خلاف لتاريخ تشكيل اللجنة 2019/28/10 مما يفقد هذه المادة قوتها الدستورية. 
رابعاً/ ان الفقرة الرابعة من هذه المادة جاءت متناقضة مع نص المادة الثانية من الدستور بفقراتها أ و ب التالية:
أ ـ لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام . 
ب ـ لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية . 
فأي ثوابت إسلامية واي مبادئ ديمقراطية تحصر حق تعديل 
الدستور بثلث المصوتين في ثلاث محافظات بينما العراق يتكون من ثمانية عشر محافظة يمكن أن يطلق على هذا الفقرة (فيتو المحافظات الثلاثة). 
هذه الأسباب وغيرها يمكن أن تؤخذ على نص المادة 142 وتجعلها فاقدة لقوتها الدستورية وبالتالي بطلان اللجنة المشكلة لتعديل الدستور. 
في هذه الانقسامات التي تشهدها الساحة العراقية والمشهد السياسي والخروقات الحزبية المتكررة للدستور 
الحل الأمثل لا يكمن في تعديل الدستور وإنما في تعطيله 
حيث يودي التعطيل الى وقف العمل بالوثيقة الدستورية كلاً او جزاءً في حالة الخطر اوالضرورة والتي حدثت مع معظم دساتير العالم وان حالة الضرورة متوفرة حاليا لما يمر به العراق من أزمة سياسية ودستورية والحد من قتل وخطف المتظاهرين واخيراً من عدم قيام الحكومة العراقية بغلق الحدود وأيقاف الرحلات الجوية بين العراق والدول التي تفشى بها فايروس كورونا الفتاك والاستهانة بحياة المواطنين وبسبب الحكومة لاغيرها أصبح الشعب العراقي يواجه مصير مجهول واصبحت العوائل منعزلة في بيوتها وتعتمد على نفسها في تأمين احتياجاتها اليومية من مواد غذائية وغيرها من دون أن تحرك الحكومة ساكناً ومكتفية بالنصح والإرشاد لإبقاء العوائل في البيوت وكان بالامكان تلافي هذا الوضع لو قامت الحكومة العراقية باالأزم سريعا بغلق الحدود ومنع الرحلات الجوية بين الدول المنتشر فيها الفايروس..
ولمنع انجرار الشعب الى الاقتتال والفلتان الامني وتلبية مطالب المتظاهرين بتغيير نظام الحكم البرلماني الى رئاسي حيث مطالبهم فوق النصوص الدستورية التي هم مصدرها وهذا يتطلب تعطيل العمل ببعض نصوص الدستور ( التعطيل الرسمي) منها نص المادة 142 أسوةً بالمواد المعطلة في الدستور تعطيل فعلي مثل المواد 111,41,16,15 وغيرها والعمل بنص المادة 126 وهذا يسمى التعطيل الجزئي للدستور وهذا يتم باستقالة رئيس الوزراء وتشكيل حكومة أنتقالية لمدة محددة من مهامها تعديل الدستور وفقا للمادة 126 بتعديل المادة الاولى الخاصة بالنظام البرلماني والغاء النصوص المتعلقة بمجلس النواب ورئيس الجمهورية مع بقاء الحقوق والحريات الاساسية والنص على شكل النظام الرئاسي والية الانتخاب وجعل العراق دولة واحدة غير قابلة للتجزاءة لتفويت الفرصة على من يدس السموم لتقسيم العراق وفي هذه الحالة سيحل مجلس النواب ويقال رئيس الجمهورية وتجري الانتخابات وفق الالية التي يرسمها الدستور والقوانين المشرعة بموجبه على ان تضم لجنة تعديل الدستور أساتذة القانون الدستوري ومن نقابة المحامين والقضاة والمستشارين من مجلس شورى الدولة ومن فقهاء الشريعة .
وبما ان نقابة المحامين العراقيين لها الدور الرائد بالدفاع عن الدستور والقانون لما تضم من محامين لهم اراء واجتهادات وفقهاء بتفسير وتطبيق القانون ، يجب ان يكون لها الدور الفعال في مرحلة صياغة وتعديل النصوص الدستورية .
وبعيدا عن الصراعات السياسية والانقسامات الحزبية والغرف المظلمة التي غايتها تأخير عملية الانتخابات المبكرة فهي تقوم بين الحين والآخر بترشيح شخصيات لا تنطبق عليها شروط المتظاهرين التي من أبرزها ان يكون المرشح لرئيس مجلس الوزراء غير متولي اي منصب تشريعي أو تنفيذي بالحكومات السابقة وغير مزدوج الجنسية وغايتهم عدم الخروج بالعراق الى بر الأمان خوفاً على مصالحهم الشخصية وخسارة قاعدتهم الجماهيرية بسبب الفساد والسرقات الحزبيةوخوفهم من خروجهم من السلطة بسبب كشف الشعب للمنهجية العوجاء التي تسير بها العملية السياسية المقيتة وسيكون بانتظارهم قفص الاتهام والحكم العادل من قبل القضاة العراقي .

المصادر 

(1)الدستور العراقي الدائم لسنة 2005
(2)المحامي حسين محمود الوائلي https://www.facebook.com/profile.php?id=10000502614286

                                                (3)                         https://www.bbc.com/arabic/amp/middleeast-45533758