ثائرة أكرم العكيدي
 
عاد زخم المظاهرات إلى الشارع العراقي مرة اخرى احتجاجا على فشل الحكومة في تحقيق مطالب المتظاهرين وأبرزها توفير الكهرباء خاصة في فصل الصيف.
 أزمة انقطاع الكهرباء تأتي دائما متزامنة مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة التي وصلت لأكثر الـ 50 في بغداد والمدن الجنوبية.
وخرجت المظاهرات من سلمتيها، ما أدى إلى قتل العديد من المتظاهرين برصاص القوات الأمنية بسبب حالات العنف التي رافقتها وكانت قبلها بأيام خروج متظاهرين محاضرين سلميين ايضا تصدت لهم مكافحة الشغف بالضرب والاهانة
مشكلة هؤلاء الشباب الأساسية، أنهم عاطلون عن العمل ولا يرون أي مستقبل مشرق يلوح في الأفق، ولم يعرفوا طوال حياتهم سوى الفوضى التي سادت العراق منذ الغزو الأمريكي للبلاد في عام 2003، وبينما يعيشون مفتقدين الخدمات الأساسية والظروف الطبيعية مثل الماء والكهرباء والأمن، فهم يشكون أيضا من البطالة وعدم توفر مصادر للدخل
رغم تخصيص المليارات لتحسين الكهرباء فقد ذهبت جميعها لجيوب الفاسدين ليبقى العراق خاضعاً لشروط الآخرين ويعتمد على الاستيراد الخارجي.
لا زال ‫العراق بدون كهرباء بسبب فساد وفشل الأحزاب والحكومات المتتالية التي لطالما كانت تتوجه لخطوات ترقيعيه وليست جذرية، أو أنها وصفت بالتخديرية التي لم تفلح باقتلاع أسباب الأزمة من جذورها.
 وكانت الحكومات المتعاقبة قد اعتادت هذا المشهد المتكرر مما ضاعف من عنصر اللامبالاة في التعامل مع حقوق المواطنين، وانتقل النقص الخطير من إمدادات الكهرباء الى الخدمات الضرورية المهمة وبالتزامن مع ذلك آفة الفساد منسية ولا أحد من المعنيين يلتفت إليها إلا في حدود محاسبة صغار الموظفين وهو يأتي بمثابة ذر الرماد في العيون.
 ضعف الخدمات وانتشار الفساد في مرافق الحكومة ومؤسساتها، وبالرغم من ظروف الحظر بسبب فيروس كورونا وحرارة لهيب الصيف جعلت المواطن العراقي يهرج مرة اخرى لساحات المظاهرات للتأكيد على حقوقه المسلوبة فيجب على حكومة الكاظمي ان لا تتهاون مع غضب الشارع العراقي عودة أخطر للمظاهرات لسبب بسيط وواضح، بما ان المعالجة الجذرية لأسباب الأزمة لم تتم، 
هنالك معطيات سياسية واقتصادية ومعيشية توجه دفة المتظاهرين العراقيين، وهي محقة، حكومة الكاظمي كان بادئ الامر متحمسة بتغييرات على الأرض ربما ترضي الشارع العراقي وقد لا ترضيه، في المقابل هنالك من يتابع هذه المظاهرات من الخارج ويحاول تسيرها إلى غير اتجاهها الصحيح، فهي الوسيلة المناسبة لتغيير سياسة الحكومة العراقية مستغلة الفساد والقهر والبطالة التي يعاني منها الشعب العراقي لتجييش هذا الشارع ضد حكومته مما يؤدي إلى الفوضى التي عن طريقها يتدخل من لا تعجبهم السياسة العراقية الحالية.
كلنا ندرك الصعوبات المعيشية التي يمر بها المواطن العراقي والتي تحاول هذه الحكومة مع عمرها القصير ان تعالجها في ظل ظروف اقتصادية وصحية استثنائية، ولا يمكن ان نلوم مواطن على التعبير عن رأيه بشكل سلمي يخلو من الاستفزاز او افتعال الصدام مع القوات الأمنية الحكومة مكلفة بحماية المتظاهرين الكاظمي بعد امره بفتح تحقيق بشأن احداث ساحة التحرير الاخيرة بعد تعرض المتظاهرين الى الضرب والقتل كان الاجدر به يحاسب فعليا الجنات وليس حبر على ورق.
الانقسامات السياسية الداخلية وتصاعد التوتر بين حكومة الكاظمي وبعض الجهات السياسية والاحزاب والحظر المفروض بفعل تفشّي جائحة كوفيد-19، لم يُنهِ الحراك الشعبي في لدى الجماهير العراقية فهي مصرة على اختتام ما بدأت به الثورة من مطالبات حقيقية واحداث ضغط على حكومة الكاظمي من أجل الإسراع بتشريع قوانين تحمي حرية التعبير وتؤكد إجراء انتخابات برلمانية مبكرة. بالإضافة إلى رفض الشارع نظام المحاصصة الحزبية على الوزارات، ومناصب الدولة التي اتبعتها الحكومة في تشكيلتها الجديدة.
صحيح هناك مؤامرة تدور حول أن بعضاً من الأحزاب دفعت أتباعها إلى النزول إلى الشارع لعدم إعطاء فرصة لحكومة الكاظمي لتحقيق منجزات، في ظل وجود طبقة سياسية فاسدة تمتلك الكثير من المال وتستعمله من أجل تأجيج الشارع، واستغلال الخطابات الشعبية لتحقيق مكاسب سياسية، والحصول على مناصب مهمة في التشكيلة الحكومية الجديدة فنحن نقول للكاظمي لا تسمح لهؤلاء بإعطائهم فرصة لنيل من حكومتك فكن السباق لإيجاد حلول جذرية وليست ترقيعيه للازمات التي يمر بها المواطن العراقي وفي مطلعها ازمة الكهرباء.
المطلوب من حكومة الكاظمي الانتقالية أكبر بكثير من إمكانيتها على تحقيقه، فتشكيلها على أسس المحاصصات، والذي هو من صلب لعبة المصالح السياسية والفساد والتبعية الخارجية، سيحد كثيرا من قدرتها على الحركة، بغض النظر عن الاتفاق على شخص رئيسها، وعن التسويات الاضطرارية عودة المظاهرات، لساحة التحرير والمحافظات الجنوبية على الرغم من كورونا والتصعيد الأمريكي الإيراني، دليل على قوة إرادة المتظاهرين العراقيين، ودليل أيضا على عودة السياسة إلى العراق.
ما يحصل في العراق هو عبارة عن جماهير مقهورة بسبب الوضع الاقتصادي والفساد المالي والاداري التي ابتليت به بلاد الرافدين بعد زوال النظام السابق وإذا اردت ان تعلم مدى تفشي الفساد اليوم في العراق وغياب أبسط الحقوق الخدمية لهذا الشعب أستمع إلى العراقي البسيط الذي يترحم على نظام الرئيس (صدام حسين) ويقارنه بالوضع الحالي ويقول دكتاتور يحكمني ويعطيني أبسط حقوق الحياة أفضل ممن يتشدقون بحقوق الإنسان ولا نرى منهم شيء انها أكبر مشاكل العراق في ظل التعددية السياسة والمحاصصة الطائفية في إدارة هذا البلد.
هذه التربة الخصبة هي التي تسهل خروج المظاهرات في العراق وهي محق في خروجها، ولكن هنالك أسئلة دائما يسألها البعض لماذا هذه المظاهرات تبدأ سلمية وتنتهي بدماء تسيل وهل هذه المظاهرات لها رؤية سياسية واضحة للإصلاح وهل توجد لها قيادة شعبية وطنية تقود هذا الحراك؟ جواب هذه الأسئلة عند العراقيين وفي جوابهم سيحددون هل هذه المظاهرات من أجل العراق أم هي لحساب أجندات خارجية او احزاب معينة في رأي الشخصي اقول بلغ السيل الزبى والسكوت على الظلم والفساد والعمالة لا ينتج عنه الا ارتفاع معدلات الظلم والدمار والتدهور. فنتج عن ذلك الاستهتار الذي رأيناه في كافة الحكومات منذ عام 2003 والى يومناهذا
ولابد كذلك لمن يحكمون العراق اليوم أن يدركوا بأن الفساد المالي وغياب المقومات الأساسية للعيش الكريم للشعب العراقي وتردي الأوضاع الاقتصادية والمحسوبية السياسية هي أكبر تحديات العراق، فهي المنفذ الذي يدخل منه من يريد الفوضى لهذا البلد، وعلى العراقيين أن يميزوا بين من يرفع صوته من أجل العراق ومن يرفعها لخراب العراق ودمارها....