د. سميرة محمد / الأردن



تعد قضية السلام من اهم القضايا الانسانية في كل عصر فمنذ بدء الخليقة بحثت كل العقائد والديانات عن مفهوم السلام كهدف أسمى وغاية نبيلة تسعى اليها الامم والشعوب من اجل العيش الهنيء الهادئ لأفراد المجتمع. فالسلام يعني حلول الخير للفرد والجماعة وهو مبدا وصفة اخلاقية تقوم على الاستقرار الداخلي وطمأنينة الروح والسلام يأبى العنف وتعززه المحبة ويؤصل للحضارة والرقي والتقدم.
وفكرة السلم فكرة قديمة نادت بها الديانات السماوية كافة كذلك اتجه اليها حكماء العصور القديمة وحمل لواءها الفلاسفة الرواقيون منذ القرن الثالث قبل الميلاد حينما نظروا الى الناس جميعا وكأنهم اسرة واحدة قانونها العقل ودستورها الاخلاق.
فالمتتبع لتاريخ البشرية يلاحظ ان الانسانية تسعى لتحقيق سلامها كهدف انساني وغاية نبيلة منذ بداية التاريخ ومع ذلك فان الانسان ضل الطريق الى السلام وسط فوضى غياب الحكمة والعقلانية.
والسلام قيمة اصيلة وجوهرية في الاسلام اسهمت في البناء الحضاري وتمثلت في السلام مع النفس والاخر.

وبالرغم من ذلك  لا زال يعاني التاريخ الانساني من ويلات العنف لدرجة صار فيها عدم التسامح وعدم تحمل الاخر جزءا من حياة الانسان المعاصر ،فلم يشهد تاريخ العالم فترة من فترات العنف والنزق الانساني وعدم تحمل الاخر والضغائن كما يشهده العالم اليوم ،كذلك يشهد العالم والمجتمعات اليوم توترا في المفاهيم وتصادم في القيم والحضارات وتنميط ثقافي والذي يمكن ان يتطور الى اشكال العنف المختلفة بين الجماعات الاثنية والقبلية فقد قال عالم التاريخ الايطالي الشهير ميلي: “لحسن الحظ لا ينجب عالمنا اولئك الذين يدقون طبول الحرب ويحرقون لها البخور فقط ،بل انه بنجب اولئك الذين يفكرون في السلام والذين يؤسسون فلسفة السلم".

مفهوم السلام يعني غياب العنف فالكلمة اليونانية
 (Ikne) توضح فكرة السلام في العصور القديمة فهي تعني حرفيا نهاية الحرب والدخول في علاقات تكون أقرب الى السلام وكذلك تعني عدم وجود الصراعات المادية بين البشر وكذلك تعني معالجة المشكلات في عملية ملموسة تبدأ مع جود الاختلافات في العادات والمصالح.
وتعتبر الفترة من (١٩٤٥_١٩٨٠) فترة مهمة في تاريخ اوروبا من جهة تطور مفهوم السلام فقد أصبح كل من السلام والقوة هما الاساس في العلاقات الدولية وقد تميزت هذه الفترة بظهور حركات سلمية.
 وفي الفترة من (١٩٦٠_١٩٨٠) شهد العالم ظهور مركز دراسات السلم وفض النزاعات وثقافة السلام وهكذا تم احياء تراث السلام القديم في اوروبا ،كما ظهرت شخصيات وهبت نفسها للسلام بالإضافة الى بروز مفاهيم وفلسفات وافكار جديدة في السلام فقد قادت كل تلك الجهود والحركات ونزعات السلم الى ظهور اساس واصول فلسفة ومفهوم ثقافة السلام الحالي لدى منظمة الامم المتحدة والمنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة لتقوم ببث ونشر السلام في كافة انحاء العالم بسبل ووسائل عديدة بما في ذلك الانماط الثقافية والابداعية المختلفة كالدراما الشعبية والموسيقى والاشكال التعبيرية كوسائل تنموية لنشر ثقافة السلام.