نسرين ولها :باحثة تونسية في علم الأحياء



"هشاشة العظام" اسم مشتق من اللاتينية ويعني" العظام المسامية "وهي حالة فسيولوجية تؤثر على سلامة العظام.   

في الأصل، يحتوي الجزء الداخلي من العظم السليم على مساحات صغيرة تُشبه قرص العسل شيئًا. وحينما يزيد ترقق العظام من حجم هذه الفراغات، تفقد العظام قوّتها وكثافتها. كما ينمو الجزء الخارجي من العظم بطريقة أضعف وأرق. 

 وطالما أنّ العظام تحتوي على تركيز هام من المعادن مثل الكالسيوم والفوسفور فإنّ الحفاظ على كثافتها يحتاج إلى إمدادات كافية من الكالسيوم والمعادن الأخرى الضرورية كما يجب أن ينتج الجسم هرمون الغدة الدرقية وهرمون النمو والكالسيتونين وهرمون الإستروجين وهرمون التستوستيرون بكميات مناسبة. أيضا، لا بُدّ من الحصول على إمدادات كافية من فيتامين (د) لامتصاص الكالسيوم من الطعام وتخزينه في العظام.

يمكن أن تصيب "هشاشة العظام" الأشخاص في أي عمر كان، ولكنها أكثر شيوعًا عند كبار السن، وخاصة النساء. إذْ بيّنت الأبحاث العلمية في الولايات المتحدة على سبيل المثال أنّ أكثر من 53 مليون شخص إمّا يعانون من هشاشة العظام أو معرضون لخطر الإصابة به.

ومثل أيّ مرض في نتائجه السلبيّة، فإنّ الأشخاص المصابون بهشاشة العظام مُهدّدون بخطر الإصابة بكسور العظام أثناء القيام بأنشطة روتينية مثل الوقوف أو المشي. بينما تكون العظام الأكثر عرضة للإصابة هي الضلوع والوركين والعظام في الرسغين والعمود الفقري.

بالنسبة للأعراض، لا تسبّب المراحل المبكرة لهشاشة العظام أي أعراض أو علامات تحذيرية. وفي معظم الحالات، لا يعرف الأشخاص المصابون بهشاشة العظام أنهم مصابون بهذه الحالة حتى يُصابوا بكسر ما. وإذا ما ظهرت الأعراض، فغالبا ما تشمل: انحسار اللثة 

وضعف قوّة قبضة اليد، فيما يغلب على الأظافر الضعف والهشّاشة.

وهنا وجب الأخذ بعين الاعتبار التاريخ العائلي لهشاشة العظام، إذْ أنّ التحدث إلى الطبيب المباشر للعائلة يمكن أن يساعد في تقييم المخاطر إنْ وجدت.

 أيضًا، يمكن أن تشمل أعراض هشاشة العظام الشديدة حدوث كسر من السقوط أو الانحناء وحتّى من العطس الشديد أو السعال، بالإضافة إلى آلام الظهر أو الرقبة أو فقدان الطول حيث يمكن أن يكون السبب هنا هو كسر الانضغاط. وهو كسر في إحدى فقرات الرقبة أو الظهر، فعدما يكون النّسيج العظمي لتلك المناطق ضعيفًا جدًا، تنكسر تحت الضغط الطبيعي في العمود الفقري.

إذا كان لدى المرء كسر من هشاشة العظام، فإن المدة التي يستغرقها للشفاء ستعتمد على العديد من العوامل. يتضمن ذلك مكان الكسر ومدى شدتّه أضف إلى عمره وملفّه الصحي.

 ولمن يتساءل عن الأسباب المحتملة "لهشاشة العظام " أعدّد له بعض الحالات الطبية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية واستخدام بعض الأدوية كالكورتيكوستيرويدات عن طريق الفم أو الحُقن طويلة الأمد مثل بريدنيزون أو الكورتيزون.

 ويُعدّ أخطر عامل لهشاشة العظام هو العمر. طوال حياة الإنسان، يكسر جسمه العظام القديمة وينشئ عظامًا جديدة محلّها. ومع ذلك، عندما يكون في الثلاثينيات من العمر، يبدأ الجسم بتكسير العظام بشكل أسرع من قدرته على استبدالها ممّا ينجرّ عنه عظامًا أقل كثافة وأكثر هشاشة، وبالتالي تكون أكثر عرضة للكسر.

كما يُعتبر انقطاع الطمث عامل خطر رئيسي آخر من شأنه أن يتسبّب في فقدان جسم المرأة للعظام بشكل أسرع، حيث يحدث عند النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 45 و 55 عامًا و يعود إلى التغير في مستويات الهرمونات المرتبطة به. في حين يستمر الرجال في فقدان العظام في هذا العمر، ولكن بمعدل أبطأ من النساء. ومع ذلك، بحلول الوقت الذي يصلون فيه إلى سن 65 إلى 70 عامًا، عادة ما يفقد الرجال والنساء العظام بنفس المعدل.

أيضًا، ثمّة عوامل أخرى لهشاشة العظام زيادة عن "كونها أنثى" أو "وجود تاريخ عائلي لهشاشة العظام"، فالخمول البدني وسوء التغذية والتدخين وانخفاض وزن الجسم، كلّها عوامل تُمثل خطرًا على سلامة العظام وكثافتها.

 ومن العوامل التي يُمكن التحكم فيها: سوء التغذية وقلة النشاط. على سبيل المثال، في وسع المرء تحسين نظامه الغذائي والبدء في برنامج تمارين يفيدُ صحّة عظامه. ومع ذلك، لا يمكن التحكم في عوامل الخطر الأخرى، مثل الجنس " ذكر أو أنثى " والعرق والسنّ، إذْ يُعدّ العمر عامل خطر رئيسي لهشاشة العظام. وإذا لم تُبذل جهود الوقاية والعلاج المناسبة، يمكن أن يؤدّي انهيار الجسم المتزايد للعظام إلى ضعف العظام وهشاشتها.

للتحقق من "هشاشة العظام"، سيقوم الطبيب بمراجعة تاريخ المريض الطبي وإجراء فحص بدني. كما يُمكن إجراء اختبارات الدم والبول للتحقق من الحالات التي قد تسبب فقدان العظام. إذا أظهرت الاختبارات وجود "هشاشة العظام"، فسيعمل الطبيب على تطبيق خطة علاجية. ومن المرجح أن يصف الأدوية الضرورية ويُطالب بتغييرات في نمط حياة المريض كأن يزيد المُصاب بهشاشة العظام من تناول الكالسيوم وفيتامين (د)، وكذلك يجب أن يقوم بالتمرين المناسب لتقوية العضلات وتحفيز العظام.

 للأسف لا يوجد علاج "تامّ " لهشاشة العظام .. ولكن في المقابل، اتباع العلاج المناسب يمكن أن يساعد في حماية وتعزيز العظام  و إبطاء انهيار العظام في الجسم، ويمكن أن تحفز بعض العلاجات نمو عظم جديد.