بقلم / احمد عبد الصاحب كريم


منذ ان بدء فلادمير حكم روسيا بعد تنحي الرئيس بوريس يالتسن و روسيا تسير بصمت كما هو الحال لدولة الصين التي كانت دولة جدا عادية الا انها اخترقت جميع حدول المعقول و اللا معقول و تفوقت على الجميع بمجال الصناعة و الزراعة و التجارة و الفضاء و السلاح و صناعة السفن و الالكترونيات و غيرها من المجالات .. نعود الى روسيا التي قامت خلال بداية الالفية بتغير افكارها و سياستها المالية و الاقتصادية و الاستثمارية و السياسية حيث بدءت بمشاركة الدول العظمى بمجال الاستثمار في حقول النفط و الغاز و الصناعة و صناعة الالكترونيات و السيارات من خلال الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة و في نفس الوقت اعتمدت على نفسها كثيرا حيث انها تنتج ملايين السيارات بمختلف انواعها ولكن لتغطية سوقها المحلية و تنتج الحواسيب و الموبايلات المتطورة فقط تستخدم في روسيا و جميع اشكال الصناعة اعتماد على النفس ، و من لطائف الله ان منح روسيا الكثير من الصفات اهمها انها اكبر دولة في العالم من حيث المساحة و جميع المعادن الطبيعية كالنغط و الغاز و اليورانيوم و الحديد و النحاس و غيرها من المعادن توجد فيها و كذلك تعتبر اكبر مورد للقمح في العالم و بالرغم من كل هذا بدءت في زمن بوتين باستعادة دورها السياسي و تعديل ميزان القوى و بدءت بدورها التوسعي في الدول التي استقلت من الشيشان و جعلتها توالي روسيا من خلال تشكيل حلف اما بقوة السلاح او من باب للسياسة و حسن الجوار الا ان اوكرانيا الدولة الاكبر من الدول التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي بدءت تشكل الخطر الاكبر على روسيا من خلال تقربها الى الغرب بشكل كبير و هذا يهدد الامن في روسيا فبدءت اولى مراحل استعراض القوي عام ٢٠١٤ عندما استولت على جزيرة القرم و قبل شهر بدءت بغزو اوكرانيا و تدميرها جوا و برا و بحرا و هي تحاصر العاصمة الاوكرانية من كل الجوانب و بدءت تستعرض عضلاتها امام الجميع ،
امريكا و الدول الغريية و حلف الناتو بدءوا بفرض عقوبات كبيرة على روسيا و اعترفت روسيا ان هذه العقوبات مؤذية و لكنها سترد بالمثل كون امريكا و اوربا يتجنبون المواجهة العسكرية و تحركاتهم خجولة و بوتين يتحدث من باب القوة و نحن نراقب تهديدات روسيا مع حلفائها و امريكا و حلفائها علما ان ٦٠% من مصادر الطاقة كالنفط و الغاز التي تستهلكها دول الاتحاد للاوربي تأتي من روسيا و احد ردود الفعل حول العقوبات من جانب روسيا عندما قرر بوتين بأستبدال الدولار بعملة الروبل في عمليات بيع النفط و الغاز الروسي ؟؟ ماذا يعني ذلك من خلال عمليات الحساب البسيطة نرى ان الإتحاد الأوروبي يشتري يوميا من روسيا النفط و الغاز بقيمة (660) مليون دولار و يعني ذلك عمليا ان الإتحاد الأوروبي يدفع كل يوم (660) مليون دولار مقابل النفط و الغاز اي ان القرار الروسي بإستبدال الدولار بالروبل يعني أن الإتحاد الأوروبي مطالب بدفع تلك القيمة الضخمة من الدولارات بعملة الروبل حاليا الدولار يساوي (100) روبل يعني حسابيا ان الإتحاد الاوروبي الآن مطالب بتوفير (6,6) مليار روبل يوميا مقابل النفط و الغاز من اين يأتون بمثل هذه الكمية الضخمة من الاموال ؟؟
الجواب ان المسئلة سهلة حسابيا ايضا حيث سيضطر الإتحاد الأوروبي  لشراء الروبل مقابل الدولار أو اليورو و السؤال الاخر من اين سيشترون الروبل حيث لا توجد دولة في العالم تملك هذه الاموال الضخمة غير روسيا ! حيث سيضطر الاوربيون بتقديم طلب الى البنك المركزي الروسي لكي يبيع الروبل مقابل الدولار أو اليورو او الباون و بالتالي روسيا سيرتفع لديها إحتياطي العملة الصعبة ، و روسيا مازال عندها قرار آخر في يدها اذا استخدمته سيؤدي إلى إفلاس الإتحاد الاوروبي و هو ان روسيا تبلغهم اننا لا نبيع الروبل مقابل العملات الصعبة مثل الدولار و اليورو و الباون لكونكم عاقبتم البنك المركزي الروسي بقرراتكم و نحن نمتثل للعقوبات و تم اخراجنا من   نظام swift ، و الحل هو ان نبيع لكم الروبل مقابل الذهب و هنا الطامة الكبرى ، حيث سعر الذهب حاليا الجرام الواحد يقدر بحوالي (60) دولار اي يساوي (600) روبل و بعملية حسابية بسيطة الإتحاد الأوروبي سيكون مطالب بتوفير (11) طن يوميا من الذهب لشراء (6,6) مليار روبل يوميا لشراء احتياجاته اليومية من النفط و الغاز الروسي هذه أرقام فلكية اي ان روسيا لو تتخذ هذا القرار ستمتص في ظرف وجيز إحتياطي الذهب في البنوك المركزية الأوروبية و تكدّسه لديها ، و هذا الإرتفاع في الطلب على الروبل سيؤدي بالضرورة إلى إرتفاع الطلب على المبادلات التجارية بجميع أنواعها مع روسيا يعني ان جميع الدول ستبيع سلعتها لروسيا من أجل الحصول على عملة الروبل التي ستصبح في خانة (العملة الصعبة) و بالتالي ستصبح روسيا و عملة الروبل في حد ذاتها هي المحدد للأسعار في الأسواق العالمية بدل الدولار و اليورو و الباون ..
اذن الحرب الإقتصادية الامريكية و الغربية الموجهة ضد روسيا أصبحت سلاحا في يد روسيا ضدّهم و أقوى حتى من السلاح النووي ، اي ان العالم الجديد يتشكّل من جديد من نظام القوى الواحدة المتمثلة بأمريكا و حلفائها الى قوة و كتلة قوي تعدل كفة الميزان او تتفوق عليهم و هذه الكتلة هي مبدئيا ستكون بين روسيا و الصين و كوريا الشمالية و ايران و ربما العشرات من الدول التي تضررت من سياسات و بطش امريكا و الغرب ، هذه تكهنات من نظرتي ككاتب و ربما لدى الغرب اسلحته السياسية و الاقتصادية التي ستنهي الحلم الروسي نحن نتابع و ننتظر صراع العمالقة .